هكـذا ابتدأ الجنون - حميد العقابي

ا
شاهدَ إنساناً بلا إنسانٍ ، شارعاً يمشي في أزقةٍ ضيّقةٍ ،
زاحمَ مشاعرَ الوقتِ الساكنِ تحتَ لغطِ الخطواتِ وحطامِ الهواء ، الشارعُ يلتفُّ على الشارع ، والناسُ لا يتذكرون أصابعهم إلا في حضرةِ النهدِ النافرِ وسلخِ الوشمِ عن ظاهرِ اليد .. واليد لا تذكرُ قبضتها إلا في هذيانِ اليافطاتِ المسمّرةِ على سياجِ حديقةِ الحيوا
ب
جلسَ عند جثمانهِ الملقى عند ضفّةِ تمردَ الماءُ عليها ،
تتبعَ آثار حروقٍ في جسدِ الحقيقةِ وأحلامَ الزيف ،
ج
سار طويلاً يبحثُ عن نافذةٍ تعطيهِ العالم .. أو ترميهِ قتيلا ،
شاهدَ البؤسَ مناديلَ توضعُ في الجيوب ،
صدّقَ كذب الناس :
الساعة
والشمسُ ضياءٌ ودفء )
سمعَ همسات الناس " تمثالُ الطاعون "
د
شاهدَ القحطَ في كلّ سنبلةٍ والجوعَ عربةً تجرها خيولٌ متخمة ،
حينما تخطّى الصدقَ والكذب
فراح يتلمسُ الجدرانَ
صوت
لا يرى خلفَ كفيهِ غير الضبابْ
فانزوى تحتَ شرفتها الساهره
هل يرى شرخَهُ
لانسدالِ الجفونِ على الذاكره ؟
.. ماضياً
الساعة
لا يرى غيرَ شرفتهِ
خائضاً
السمكُ لا يعيشُ إلا تحتَ سقوفِ الماء
في رمالِ السرابْ
والشمسُ ضياءٌ ودفء )
شاهدَ تمثالَ الحريةِ .. هشّمهُ .. وقفَ محلهُ
سمعَ همسات الناس ـــــــــــــ " تمثالُ الطاعون "
د
- إذا غادرتِ الأشياءُ نفسَها ، يكبر الزمنُ
قال لنفسِهِ وغادر المدنَ يحملُ أسفاراً
دخلَ قرى جاثيةً عند روافدِ الظمأ العظيم ، خطوةٌ دفعتها الرياحُ إليهِ ... يوماً من سلالةِ الأيام .. كان يوماً للحصاد المر ،
شاهدَ القحطَ في كلّ سنبلةٍ والجوعَ عربةً تجرها خيولٌ متخمة ،
شاهدَ امرأةً من قشّ تذروها المحاريث ..
هـ
حينما تخطّى الصدقَ والكذب
لم يرَ الأرضَ على وجه الأرضِ
فراح يتلمسُ الجدرانَ
تسبقهُ عصاه .
صوت
.. واقـفـاً
لا يرى خلفَ كفيهِ غير الضبابْ
أمسِ ، نافذةٌ رشقتهُ بنرجسةٍ
فانزوى تحتَ شرفتها الساهره
هل يتابعُ ذاك الجدار ؟
هل يرى شرخَهُ
نازلاً
لانسدالِ الجفونِ على الذاكره ؟
.. ماضياً
لا يرى غيرَ شرفتهِ
خائضاً
في رمالِ السرابْ