مَرَّ الرِّفَاقُ - عبدالعزيز جويدة

(1)
مَرَّ الرِّفاقْ
تَركوا رَسائلَهُمْ
على البابِ المُجاوِرِ
واختَفَوا ..
وَسَطَ الزُّقاقْ
نُورٌ يُضاءُ
وغُرفَتي مَسكونةٌ
وأنا أُحاولُ أن أرى
مِن كُوَّةِ البابِ الصغيرةِ
يا تُرى مَنْ ذا يَكونْ
مَنْ ذلكَ المجنونْ ؟
(2)
مَنْ ذا الذي قد جاءَ
يَسكُنُ غُرفَتي ؟
وأراهُ يَعبثُ بينَ أوراقي
ويقرأُ في المساءِ جَريدَتي
وأراهُ يَجلِسُ فوقَ كُرسيٍّ قَديمٍ
ثم يَشربُ قَهوَتي
وأراهُ يَذكُرُ في المساءِ حبيبتي
وأراهُ يَكتُبُ فوقَ أوراقي
ويَصرُخُ ..
يَستَعيرُ قَصيدَتي
مَنْ ذا يكونْ ؟
مَن ذلكَ المجنونْ ؟
(3)
بادَلتُهُ نِصفَ التَّحيَّةِ حينَ مَرْ
وسألتُهُ :
هذا مكاني أمْ مكانُكْ ؟
فأجابَني :
أيُّ الأماكِنِ أنتَ حُرْ
كَمْ كنتُ أرجو يَومَها
أنْ أفهَمَ اللُّغزَ الذي في داخِلِهْ
أعطيتُهُ نِصفَ الرَّغيفْ
وحكيتُ لَهْ
وقرأتُ كلَّ رَسائلِهْ
وسألتُهُ
عن طَعنةٍ في صدرِهِ
شقَّتْ فُؤادَهُ مِن زَمَنْ
قد كانَ يَحكي دونَ وَعيٍ
نفسَ التَّفاصيلِ الصَّغيرةِ في حياتي
حتى حقيبتُهُ ، ومِعطفُهُ ، وشارِبُهُ ،
ومُعظمُ مُفرَداتي ...
والمسألَةْ
مَنْ ذا يَكونْ ؟
مَنْ ذلكَ المجنونْ ؟
(4)
وَضَعَ اسطُوانَتَهُ الوحيدةَ والحزينةْ
طافَتْ على الوجهِ السَّكينَةْ
وبَكَى لأجلِ حبيبةٍ
زَرَعَتْ هواها طَيفَ حِيرةْ
وبكى لأنَّ حياتَهُ
كانتْ قَصيرةْ
(5)
ألْقَى حقيبتَهُ
لِيَخلَعَ في ملابِسِهِ بِبُطءٍ
ورَمَى (سِيجارتَهُ) الوحيدةَ
داسَها
ومَشَى قليلاً
وكأنَّها كانتْ ..
خُطايْ
قالَ : استَدِرْ
ونَظَرْتُ خَلفي رافِعًا
وَجهي .. يَدايْ
***
في غُرفَتي وَحدي أنا
وَجهي إلى المِرآةِ كُنتُ
ولَمْ يَكُنْ أحَدٌ ..
سِوايْ