حياة طبيعية في مقبرة القيامة - خالد الحسن

ما بين مقبرتين كنا نلتقي حتى نكون
نحن كنا شاردين من الحقيقة في طريق الوهم
كنا هاربين الى مقاه في الخراب
وقد يكون الموت صاحبنا الاخير
كنا نزف بشائر الحزن القريب الى دموع ترتدي ثوب الاغاني
كنا نسير الى اماكن موتنا
هذي المقاهي ترتوي من شمعنا المنفي في بلد الظلام
وتجر اعمدة الدخان الى طيور صباحنا
تلك المقاهي تأكل الاعمار منا خلسة
قلنا
_سنكتب في زمان الريح شعراً ميتاً
كنا سنصعد من اعالي الجرح كي نزن المسافة بين
موت
و
الولادة
والشعر هاجسنا الالهي الذي
لا يكتفي بقصيدة شرقية قد ترتدي شال السماء
لا يكتفي بقصيدة غربية لا ترتدي الا اسمها
كنا نمارس خوفنا من كل شيء
كان التسكع هاجساً بين الشوارع والقبور لكي نرى الغيب ومن بوابة التفجير
كنا ننظرُ
كان الزمان ممزقاً
كنا بشكل هندسي كالمربع دائماً
وتجمعت في قلبنا الدنيا ونامت حول نار الحزن تنتظرُ العشاء
وتجمعت كل المقابر بانتظار دمي المقدس كي يسيلَ على الورق
قبر اول
ها انت تَذكُر يا اخي ما قد كتبنا في مقاهِ الحزن
تَذكُر كيف كونّا النساء وقبلة الشفتين
تَذكُر كل ايام التسكع فوق دمعات الكمان
ونحن نبكي من بكاء الياسمين
يا ايها المنفي في بلد يُقدم للمقاصل كل يوم
مازلت تنفث من دخانِ سجارةِ ال
Pine
الرديئة كل عمر النازفين
وتقدمُ القبلات للضيف الذي قد لا يزوركْ
قبر ثاني
للآن يحترق الزمان بكأس بيرا
انت تمتهن السكوت
تراقص الاشجار في حضن الشوارع
بعد رشفك ذلك الكأس البدائي الذي قد راودك
مازلت تأكلك الاغاني وانت تعشق (ساهرا)
يا ليته يدري بأنك ساهرٌ
كي يستعيد هناك طقس الملحمة
ودمشق تعرفها فقد كشفت مفاتنها
وقالت:_
هيت لك
فدمشق عاشقة ويبدأ عشقها من دالها حتى سكون القاف في ليل المدينة
يا ايها الغيمي يا ابن الياسمين
كيف حال حمائمك
وكيف حال سجائرك
الموت اتٍ والسجائر تحرقُ الصوت الاخير
"اني كمصباح الطريق صديقتي"
قبر ثالث
ها انت تسكن في الخيال
وانت تشعلُ شمع شعرك في ليالِ الموت شعراً عاطفياً
ثم تمسح رأس ايتام الغيوم الخائفة
و تنامُ بين يديكَ ارضٌ امنةْ
ها انت تستسقي نبوءات الاغاني في غروب الوحي
في طرق تنامُ على خطوط يديكَ
توقظها لترحلَ نحو شمس الآه كي نبكي عليها
وانت دمع كان يجري في المنافي الحائرة
وانت تعلن ان دمعك انهر
وبأن مسوداتك البيضاء من سعف العراق
قبرٌ اخير
يا ايها المقتول في زمن الحياة
انظر لنفسك لحظة اني اراك تعبت من طول الوقوف على مكان القبر
ثم انظر لغيرك ساعة كي تستعيد تجارب الحب القتيل من الخراب
يا ايها المنفي في ورق الدفاتر والحروف
هيا لتبحث عن مكان في محطات الغياب
هيا لتمسحَ دمعَ هذا الموت
بعد الاعتذار
_انا اعتذرْ
يا سيدي الموت الغريب اليك يستسقي دمي المنفي في باحات عزرائيل
_اني اعتذر
يا سيدي الغيب القوي على ارادتنا هنالك في التجلي دائماً
احتاجُ موتاً شاعرياً
يقتفي صوت الكمنجات الحزينة في ليال الحب
احتاجُ الممات
احتاجُ كابوساً حقيقياً
لأعرف ان كل حياتنا
كانت
ك (كابوس المنام)
الهامش
هذي القصيدة تنتهي بمماتنا
والغيب يعرف كيف عشناها هنالك ميتين
فهل سنبقى ميتين هناك في رحم القيامة ؟؟؟