بَغْدَادُ يَابَلَد الرَشِيدِ - علي الجارم

بَغْدَادُ يَابَلَد الرَشِيدِ
وَمَنَارَة َ الْمَجْدِ التَلِيدِ

يَابَسْمَة ً لَمَّا تَزَلْ
زَهْرَاءَ في ثَغْرِ الْخُلُودِ

يَا مَوْطنَ الْحُبِّ الْمقِيمِ
وَمَضْرِبَ الْمَثَلِ الشَرُودِ

يَاسَطْرَ مَجْدٍ لِلْعُرُو
بَة ِ خُطَّ في لَوْحِ الْوُجُودِ

يَارَايَة َ الإِسْلامَ والْ
إِسْلاَمُ خَفَّاقُ الْبُنُود

يَا مَغْرِبَ الأمَلِ الْقَديمِ
وَمَشْرِقَ الأَمَلِ الْجَدِيدِ

يَا بِنْتَ دِجْلَة َ قَدْ ظَمِئْ
تُ لِرَشْفِ مَبْسِمِك الْبَرُودِ

يَا زَهْرَة َ الصحْراءِ رُدِّ
ي بَهْجَة َ الدنْيَا وزِيِدي

يَا جَنَّة الأحْلاَمِ طَا
لَ بِقَوْمِنَا عَهْدُ الرُّقُودِ

يَا بُهْرَة َ الْمُلْكِ الْفَسِيحِ
وَصَخْرَة َ الْمُلْكِ الْوَطيدَ

يَازَوْرَة ً تُحْيِي الْمُنَى
إِنْ كُنْتِ صَادِقَة ً فَعُودي

بغْدَادُ يادَارَ النهَى
وَالْفَنِّ يابَيْتَ الْقَصِيدِ

نبتَ الْقَرِيضُ عَلَى ضِفَا
فِكِ بَيْنَ أفْنَانِ الْوُرُودِ

سَرَقَ التَدَلُّلَ مِنْ عِنَا
نٍ والتَفَنُّن مِنْ وَحِيدِ

يشدُو وكأن لهاته
شُدّتْ على أوتارِ عُود

بَغْدَادُ أَيْنَ الْبُحْتُرِيُّ
وَأَيْنَ أيْنَ ابْنُ الْوَلِيدِ

وَمَجَالِسُ الشُعَرَاءِ في
بَيْتِ ابْنِ يَحْيَى وَالرَشِيد

أيْنَ الْقِيَانُ الضَاحِكَا
تُ يَمِسْنَ في وَشْيِ الْبُرُودِ

السَاحِرَاتُ الْفَاتِنا
تُ النُجْلُ مِنْ هِيفٍ وَغيدِ

السَاهِرَاتُ مَعَ النُجُو
مِ الآنِفَاتُ مِنَ الْهُجُودِ

مِنْ كُلِّ بَيْضَاءِ الطلَى
مَهْضُومَة ِ الْكَشْحِيْنِ رُودِ

يَخْطِرْنَ حَتَّى تَعْجَبَ الْ
أَعْصَانُ مِنْ لِيِن الْقُدُودِ

وَإِذَا سَفَرْنَ فَأيْنَ ضَوْ
ءُ الشمْسِ مِنْ شَفَقِ الْخُدُودِ

يَعْبَثْنَ بِالأَيَّامِ والْ
أَيَّامُ أَعْبَثُ مِنْ وَلِيدِ

خَبَأَ الْجَمالُ لَهُنَّ كَنْزاً
بَيْنَ سالِفَة ٍ وَجِيدِ

كَمْ جَاشَ جَيْشُك بِالْفَوَا
رِسِ مِنْ أَسَاوِرَة ٍ وَصِيدِ

لِلنصْرِ فِي أَعْلاَمِهِمْ
صِلَة ٌ بِأَبْنَاءِ الْغُمُود

مُلْكٌ إِذَا صَوَّرْتَهُ
عَجَزَ الْخَيَالُ عَنِ الصُعُودِ

وجُهُودُ جَبَّارِينَ تَصْغُرُ
دُونَهَا شُمُّ الْجُهُودِ

الرُسْل تَتْلُو الرسْلِ مِنْ
بِيضٍ صَقَالِبَة ٍ وَسُودِ

سَارُوا لِقَصْرِ الْخُلدِ يُعْشِي
طَرْفَهُمْ وَهَجُ الحَدِيدِ

يَتَعَثَّرُونَ كَأنَّهُمْ
يَمْشُونَ في حَلَقِ الْقُيُودِ

الْجَوُّ يَسْطَعُ بالظبَا
والأرْضُ تَزْخَرُ بِالْجُنُودِ

حَتَّى إِذَا رَجَعُوا بَدَا
بِجِبَاهِهِمْ أَثَرُ السجُودِ

الْفَلْسَفَاتُ عَرَفْتِها
وَالْعِلْمُ طِفْلٌ في الْمُهُودِ

وَالْغَرْبُ يَنْظُرُ في خُمُودٍ
نَحْوَ قاتِلَة ِ الْخُمُودِ

كَمْ مَوْئِلٍ لِلْمُستَجِيرِ
وَمَنْهَلٍ لِلْمُستَفِيدِ

وَالْجَاحِظُ الْمَرِحُ اللَعُو
بُ يَغُوصُ لِلدُرِّ الْفَرِيدِ

بَغْدَادُ ياوَطَنَ الأَدِيبِ
وَأَيْكَة َ الشعْر الْغَرِيدِ

جَدَّدَتِ أَحْلاَمِي وَكُنْتُ
صَحَوْتُ مِنْ عَهْدٍ عَهِيدِ

جَمَحَ الْخَيَالُ فَما اطْمَأَنَّ
وَلا اسْتَقَرَّ إِلَى خُلُودِ

جَازَ الْقُرونَ النَّائِيَا
تِ وَفَكَّ أَسْرَارَ الْعُقُودِ

ذَكَرَ الْعُهُودَ فَأَنَّ لِلذِّ
كْرَى وَحَنَّ إِلَى الْعُهُودِ

وَاهْتَاجَهُ الطيْفُ الْبَعِيدُ
فَجُنَّ لِلطيْفِ الْبِعيِد

وَصَبَا إِلَى ظِلِّ الْعُرُو
بَة ِ في حِمَى الْمُلْكِ الْعَتِيد

يَا أُمَّة َ الْعَرَبِ ارْكُضِي
مِلءَ الْعِنَانِ وَلاَ تَهِيدِي

سُودِي فآمَالُ الُمُنَى
وَالْعَبْقَرِيَّة ِ أَنْ تَسُودِي

هَذَا أَوَانُ الْعَدْوِ لاَ الْ
إِبْطَاءِ وَالْمَشْيِ الْوَئِيدِ

الْمَجْدُ أَنْ تَتَوَثَّبِي
وَإِذَا وَثَبْتِ فَلاَ تَحِيدِي

وَتُحَلِّقِي فَوْقَ النُّجُو
مِ بلاَ شَبِيهٍ أَوْ نَدِيدِ

وَإِذَا شَدَا الْكَوْنُ الْمَفَا
خِرَ كُنْتِ عُنْوَانَ النَشِيدِ

لاَ تخْطِئي حَدَّ الْعُلاَ
مَا لِلْمَعَالِي مِنْ حُدُودِ

مَنْ يَصْطَدِ النمِرَ الْوَثُو
بَ يَعِفُّ عَنْ صَيْدِ الْفُهُودِ

هذِي طَلاَئِعُ نَهْضَة ٍ
ذَهَبَتْ بِآثارِ الركُودِ

بَغْدَادُ أَشْرَقَ نَجْمُهَا
وَبَدَا بِهَا سَعْدُ السعُودِ

سَلَكَتْ إِلَى الْمَجْدِ الْقَدِيمِ
مَحَجَّة َ النَهْجِ السدِيدِ

وَزَهَتْ بِأَقْمَارِ الْهُدَى
وسَطَتْ بِأَظْفَارِ الأُسُودِ

بَغْدَادُ إنَّا وَفْدَ مِصْرَ
نَفيضُ بالشوْقِ الأكِيدِ

جئنا نُحَيِّ العلم وال
آداب في العددِ العديدِ

مَرْآكِ عِيدٌ لِلْمُنَى
فُزْنَا بِهِ فِي يَوْمِ عِيدِ

أَهْلُوك أَهْلُونَا وَأبْنَاءُ
الْعَشِيرة ِ والْجُدُودِ

بَيْنَ الْقُلوبِ تَشَوُّفٌ
كَتَشَوُّفِ الصبِّ الْعَمِيدِ

حَتَّى يَكَادَ يحِبُّ نَخلَكِ
نَخْلُ أَهْلِي في رَشِيدِ

شَطَّتْ مَنَازِلُنُا وَمَا
احْتَاجَ الفُؤَادُ إِلَى بَرِيدِ

الرَافِدَانِ تَمازَجَا
فِي الْحُبِّ بِالنِّيل السعِيدِ

وَتَعَانَقَ الظَّلانِ ظِلُّ
الطاقِ والْهَرَمِ الَمَشِيدِ

جِئْنَاكِ نَسْتَبِقُ الْخُطَا
أَنْضَاءَ أَوْدِيَة ٍ وَبِيد

طَالَتْ بِنَا الصَّحْرَاءُ حَتَّ
ى خِلْتُهَا أَبَدَ الأَبِيدِ

يَتَخَلَّص الْمَرْمَى المَدِي
دُ بَهَا إِلى مَرْمى ً مَدِيدِ

كَتَخَلُّصِ الْحَسْنَاءِ مِنْ
وَعْدٍ طَوَتْهُ إِلَى وُعُودِ

بَحْرٌ بِلاَ شَطَّيْنِ يَزْ
خَرُ بِالتَنَائِفِ وَالنُجُودِ

وَسَفِينَتِي نَرْنٌ بِهَا
مَا فِي فُؤَادِي مِنْ وُقُودِ

جِئْنا إِلَى الْغَازي سَلِيلِ
الْعُرْبِ وَالْحسَبِ الْمَجِيدِ

نَخْتَالُ بَيْنَ هِبَاتِهِ
فِي ظِلِّ إِحْسَانٍ وَجُودِ

أَحْيَا المُنَى بِالْعَزْمِ وَالتَ
دْبِيرِ والسَعْيِ الْحَمِيدِ

وغَدَتْ بِهِ سُوحُ الْعُرو
بَة ِ مَنْهلاً عَذْبَ الْوُرُودِ

فِي نَهْضَة ِ الْفارُوقِوالْ
غَازي غِنى ً لِلْمُسْتَزِيدِ

فاروقُ مُنْبَثَقُ الرَجَا
ءِ ومُلْتَقَى الرُكْنِ الشَدِيدِ

عَاشَا وَعَاشَ الشَرْقُ فيِ
عِزٍّ وَفي عَيْشِ رَغِيدِ