هذيان بائع الدموع - علي فريد

عِمْ مساءً يا بائع الليلِ دَمْعَه
كلُّ رأسٍ يُثَبِّتُ الآن وَضْعَهْ

عِم مساءً، أراك تصنعُ شيئاً
غير ذاكَ الذي تمنيتَ صُنْعَهْ

كلُ يومٍ لكَ انهيارٌ جديدٌ
فيه تنهدُّ قطعةٍ بعد قطعةْ

تمتطي أعنفَ القضايا وتأتي
لابساً من صُراخِكَ المرَّ خِلْعَةْْ

أخْصَبتْ فيكَ غَائلاتُ المآسي
والمآسي لحامل الهمِّ شِرْعَةْْ

تحتسي كُوخكَ القلاعُ وتُغضي
أترى الكوخ سوفَ يُصبحُ قَلعَةْ ؟

أنتَ مثل الردى ، حَنينك نارُ
تتلظى ، ولمحُ عينيك فَزْعَةْ

أنت كالريحِ ، حَشْرَجَاتُكَ طبلٌ
بلديٌ ، وقبضُ كَفيكَ صَرْعةْ

جئتَ من أين؟ أو إلى أينَ تمضي ؟
كلُ دربٍ يرى الخُطا منك بِدعةْ

***

ما الذي تبتغيه ؟ أبغي زماناً
غيرَ هذا الذي تُثيرونَ نَقعهْ

عَصرُكمْ رائدُ التوجسِ والحزنِ
وأسماؤه رياءٌ وسُمْعةْ

الأماني به بقايا هَباءٍ
والأغانِيَ به بكاءٌ ولوعةْ

الخطايا تغوصُ فيهِ وتَطْفُو
والمنايا تُشيرُ من كل رُقْعَةْ

عصركُم سَيِّدُ الأكاذيب ، يُلقي
للذي قَنَّنَ الأكاذيبَ سَمعَهْ

***

هل سَمعتَ المُثقفينَ ؟ هراءٌ
ما يقولونه وزيفٌ وخُدعَةْ

القديمُ الذي يريدون خاوٍ
و الجديدُ الذي يُسَمُّونَ " صَرْعَهْ "

هُم أجادوا تأليفَ فكرٍ جديدٍ
قل : أجادوا مع الصَّفاقةِ جَمْعَهْ

عاد " دَنلوبُ " فيهمُ رافع الرأ
سِ يُمَنِّيْهِمُ خُلوداً و مَنْعَةْ

أبشعُ العُهرِ أن تَحولَ الخيانا
تُ تنويراً ويُصبحَ الفكرُ سِلعَةْ

***

ولهذا رحلتَ ؟ قلتُ لعَلِّي
ألتقي بعد ذلك الخَفْضِ رِفْعَةْ

قالت البُقعةُ التي أنبتتني :
دَعكَ مني فإنني شَرُّ بُقْعَةْ

ثم ماذا ؟ وعدتُ أحسو برفقٍ
آسنَ النفي جُرعةً بعدَ جُرُعةْ

أتردََّى وألفُ سيفٍ ورائي
وأُغَنِّي وداخلي ألف فَجْعَةْ

المآسي هويتي وجوازي
والأمانيُّ صفعةٌ إثر صَفعةْ

الممراتُ أعينٌ تَمتَطيني
والكُوى مخبرٌ وأشلاءُ رَجْعَةْ

والأمآسي التي أراها مَلاذي
مثل أحزان ِ شاعرٍ يوم " جُمْعَةْ "

لي مع " السوط " موعدٌ سوفَ يأتي
وأراني أُحسُّ خَلفيَ لَسْعَهْ

***

أنتَ تهذي ؟ نعم أحِيلُ هُمومي
هذياناً وأجعلُ الهمَّ مُتعَةْ

أبصقُ الخوفَ من فؤادي وآتي
خالعاً أصلَ مُستبيحي وفَرْعَهْ

كاتباً أحرُفي على كلِّ وجه
رافعاً رايتي على كل قَلْعَةْ

عربدَ الليلُ في الربوعِ، ولكن
ربما تَخْنق الدياجيرَ شَمْعَةْ

ما الذي تفعلُ السياطُ وصبري
في فؤادي ولا يُطيقونَ نَزعَهْ

***

إنني شاعرٌ أريدُ حَياتي مثلَ
ومضِ السنا جَمالاً ورَوْعةْ

لا أقولُ الذي يريدونَ ، رأيي
ثابتٌ لا أرى من الحقِّ بَيْعَهْ

عَلَّمَتْني مبادئي أنَّ شِعري
موقفٌ تتقي التقاريرُ وقْعَهْ

***

يا صديقي أقلتُ ما تبتغيه ؟
إن في مقلتيَّ مشروعُ دمعةْ

لا تقلْ لي أعد حديثكَ , قولي
من خبايا الرموزِ ينسجُ درعهْ

هاكَ تلخيصَ قِصتي يا صديقي:
لي لسانٌ ويشتهي القومُ قطعهْ