يبكيكم الأقصى - علي فريد

من أين يأتيني الهوى يا مليحْ ؟
وفي فؤادي ألفُ جُرحٍ يَصيحْ

وبين عينيَّ ظلامُ الأسى
حرَّمَ في روضِ الهوى ما أُبيحْ

لا ترجُ مني أملاً ، إنني
في حيرةٍ ظمأى ودهرٍ شحيحْ

***

قالوا :أرح قلبكَ من بؤسِه
فقلتُ : من أي المآسي أُرِيحْ ؟

هذي بلادي عُرضةٌ للردى
وذاك شعبي كالأسير الجريحْ

في كلِ شبرٍ من بلادي يدٌ
تَهْوى ، ورأسٌ من أساهُ يطيحْ

هذا لسانٌ شدّهُ حتفُهُ
وذاك جَفنٌ من بُكاهُ قَريحْ

هذي عصاً مرفوعةٌ تنتشي
وتحتها ظهرُ سَجينٍ طريحْ

وكادحٌ يُثقِلُه همُّهُ
وناعمٌ من همِّه مُستريحْ

أخفى " صلاحُ الدين " أسيَافَه
وصاغ أسيافاً له من " صفيحْ "

و " عنترٌ " بينَ بَنَاتِ الهوى
يَحْمي الحمى فوق السرير المُريح

قد سَجنوا "المهديَّ" في قَبوهِ
وخلدوا آثارَهُ في ضريحْ

قصوا لسان " القس " قالوا له:
الآن حدِّثْ وابنْ يا فصيحْ

***

هذا زمانٌ مَالَهُ غايةٌ
ببؤسهِ بين البرايا يَسيحْ

ما زال يعدو مستهيناً بنا
يرفعُ أحياناً وحيناً يُزيحْ

حتىْ أضاعت مجدها "يعربٌ "
وألَّهت جَلادَها المستبيحْ

بالأمس يَفدي " الكبشُ" "جدَّ الورى"
واليوم يفدي " التيسَ " ألفا ذبيحْ

وخِنْجَرُ " التطبيعُ " في نَصله
دمُ الضحايا والسلامُ الكسيحْ

ما عادَ في الدنيا أمانٌ وما
عاد مع الأحزانِ شيءٌ يُريحْ

***

يُشيحُ عني صاحبي خَائفاً
لأجل مَن يا صاح عني تُشيحْ ؟

تقول : إني شاعرٌ ثائرٌ
وهل ترى الثورة أمراً قبيحْ ؟

قلت : أصوليُّ الهوى جامدٌ
وهل ترى البدعة فعلاً صحيحْ ؟

أنا ابن هذي الأرض أشدو لها
أعلو بها نحو الفضاءِ الفسيحْ

كَنَّيتُ في شعري فما فادني
في ثورتي إلا الكلامُ الصريحْ

لن يغلب "التطبيعُ" طبعاً لهم
لا تأمنوا من "ذات صلٍ" فَحيحْ

يبكيكم الأقصى ويرثي لكم
ويطلبُ العونَ فمن ذا يُتيحْ ؟

يا قوم قد جَدَّ بكم جِدُّكم
عاد "يهوذا" فانتبه يا "مسيحْ"