الشاعر - علي فريد

زَخرَفَ في سِفرِ الأَسَى أَحْرُفَهْ
فَمَن تُرى يَقرَأُ مَا زَخْرَفَهْ

صَفَّفَ فَوقَ الموجِ أَحلامَهُ
وَعَاد يَجْتَرُّ الذي صَفَّفَهْ

تَشَابَهَت كُلُّ الرُؤَى حَولَهُ
فَمَيَّزَتْ أفْكَارَه الفَلسَفَة

فِي عَينِه تَبرُقُ آَمَالُه
وفِيِ دُجَى آَلامِهِ عَجْرَفَةْ

كَأَنَّمَا اليأسُ خَلاصٌ لَهُ
فَكُلَّمَا عَنَّ الرَّجَا سَوَّفَهْ

يَسِيرُ لا يَدْرِيِ لَهُ غَايةً
كَأَنَّمَا تَعْشَقُهُ الأَرصِفَةّ

يَرى ولَكِن لا تَرَى عَيْنُهُ
غَيرَ سيوفِ المحنةِ المُرْهَفَةْ

لَم يَجْنِ شَيْئَاً غَيْرَ أَنَّ النُّهَى
يَدْفَعُهُ للفكرةِ المُتْلِفَةْ

يَقْتَادُهُ الظلمُ إلى حُفْرَةٍ
عَميَاءَ سَودَاويَّةٍ مُجْحِفَةْ

مَن أنت يَا هَذا ؟ أَجِبْ ، يَلْتَوِيِ
لِسَانُهُ المُضْنَى وَتَعْنُو شَفَةْ

أَنَا الذيِ لَمَّا أَجِدْ بُغْيَتِيِ
بَعدُ ، ومَا لِي فِي الورى مِن صِفَةْ

قَالوا : مُحَالٌ أَنْ يُغَنِّي الردَى
فَقُلتُ : بَلْ غَنَّى ، أَنَا المِعْزَفَةْ

مَاهِيَّتِي لَيْسَتْ لَهَا صُورَةٌ
حُريَّتِيِ أُكذُوبَةٌ مُؤسِفَةْ

أَدرِيِ ولا أَدرِيِ كَأَنَّ الذَّكَا
يُحِسُّ شَيْئَاً بِالغَبَا ثَقَّفَهْ

سَطَّرتُ للموُتَى كِتَابَ العُلا
فَأََلَّهُوا فِي الفِكرِ مَنْ حَرَّفَهْ

يَصْفَعُنِيِ دَمْعِيِ ، فَإِنْ شَفَّنِيِ
إِحْرَاقُه ، جَاءَ الأَسَى كَفْكَفَهْ

يَغْمُرُنِيِ الحقُّ فَأغدُو لَهُ
ظِلا ، ولا يُبْصِرُ مَا خَلَّفَهْ

أُرْضِعْتُ مِن طِينِ الأذَى مُرْغَمَاً
وَجَفَّ فِي حَلْقِيِ ، فَمَنْ جَفَّفَهْ

"أَميرُ" " ميكيافيل" فِي كَفِّهِ
سَيفٌ ، وَفِيِ أَسْنَانِهِ مِغْرَفَةْ

دِمَاءُ أَجْدَادِي شَرَابٌ لَهُ
وَجِلدُ أَولادِيِ لَهُ مِنْشَفَةْ

هَذَا أَنَا سَيلٌ بَلا شَاطَئٍ
لا يَسْتَطِيعُ السَّدَّ أَنْ يُوقِفَهْ

وَثَورةٌ مَحْمُومَةٌ تَغْتَلِيِ
لا تَعْرِفُ الكَبْتَ وَلَنْ تَعْرِفَهْ

شِعْرِيِ عُيونٌ بالأَسَى كُحِّلَتْ
تَرنُو لِهَذي الأَوجهِ المُتْرَفَةْ

فَيَا طِوَالَ العُمْرِ لا تَفْرَحُوا
ويلٌ لكم إِنْ ثَارت الأَرغِفَةْ

هَذَا هُو الشَّاعِرُ فِي أُمَّةٍ
يَقْتَاتُهَا مُسْتَنقَعُ السَّفْسَفَةْ

تَنَكَّرَ الدهرُ لَهُ فَانْزَوَىَ
وقال : يَا دُنيَا أَنَا المَعْرِفَةْ

أَرادَ أَنْ يَكْتَشِفَ المُخْتَفِيِ
فَحِيْنَ أَعْيَاهُ النُّهَى فَلْسَفَهْ

عَلا مَعَ النُّورِ، فَلمَّا هَوَى
تَلَقَّفَتْهُ الألسنُ المُرْجِفَةْ

كَأَنَّهُ "عُثمانُ" بَيْنَ القَنَا
يَسْأَلُ عَنْ مَأَسَاتِهِ مُصْحَفَهْ

كَانَ عَلى فِكرِ الوَرَى ثَائِراً
فَمَا الذِيِ فِي لَحْظَةٍ أَضْعَفَهْ

أَرْهَقَهُ القَيدُ فَغَنَّى لَهُ
فَتَمْتَمَ السَّجَانُ : مَا أَشْرَفَهْ

يَرى سَجِينَ الخُوفِ سَجَّانَهُ
وَسِجْنُ خَوفِ البَوحِ مَا أَعْنَفَهْ

حَشْرَجَةُ الأَنْفَاسَ فِيِ حَلْقِهِ
أُنْشُودةٌ تَخنقُ مَن أَتْلَفَهْ

قَد أَنْصَفَ التَّاريخَ بَينَ الوَرَى
فَهَل تُرى تَارِيخُهُ أَنْصَفَهْ