شيطان شاعر - علي محمود طه

سافو: أطلنا الأحاديث عن عالم
ملثّمة أرضه بالخفاء

جعلناه مطمح أحلامنا
كأنّا شقينا بسكنا السّماء

طوانا على حبّه شاعر
كثير المجانة نزر الحياء

أثار الملائك في قدسها
و أوقع سحره الأبرياء

بليتيس: عجبت له كيف جاز السّماء
و غرّر بالملأ الطاّهر !

أيمرح في الكون شيطانه
بلا وازع و لا زاجر ؟

دعي الوهم سافو و لا تحقري
بليتيس معجوة الشّاعر

فما نتّقيه بحيّاتنا
إذا هو ألقى عصا السّاحر

و كانت تسمع ضجة كلما ارتفعت روح الشاعر في معارج السماء

تاييس: بليتيس هل هو ذاك الخيال
المجنّح بين حواشي الغيوم ؟

عشيّة صاح بأترابنا
و قد أخطأته قسيّ الرّجوم ؟

و قيل لنا ملك عاشق
يسرّي الهموم ببنت الكروم

يجوب السّماء إذا ما انتشى
يعربد بين خدور النّجوم

بليتيس: أعاجيب شتّى لهذا الفتى
و أعجب منها الذين تذكرين

كأنّ أحاديثه بيننا
أساطير آلهة غابرين

إذا كان الفنّ هذا الصّيال
فوا رحمتاه للجمال الغبين

وددت لو أنّي في إثره
درجت على الأرض في الدّارجين

تاييس: أتغوين بالشّعر شيطانه ؟ خياليّة أنت أم شاعره ؟

بليتيس : بل الشّعر آسره المستبدّ
فبا ليت لي روحه الآسره

و يا ليت لي وثبات الخيال
و قوة أربابه القاهره

لصيّرته مثله في الحياة
و سخرية البعث في الآخره !