عاشق الزّهر - علي محمود طه

يا ليت لي كالفراش أجنحة
أهفو بها في الفضاء هيمانا

أدفّ للنور في مشارقه
و أغتدي من سناه نشوانا

و أرشف القطر من بواكره
فلا أرود الضّفاف ظمآنا

و لثم النّور في سنابله
مصفقا للنّسيم جذلانا

حتّى إذا ما المساء ظلّلني
سريت بين الورود سهرانا

أشرب أنفاسها و قد خفقت
صدورها للرّبيع تحنانا

يتحل بالفجر فوق جنّتها
يموج فيه الغمام ألوانا

و بالعصافير في ملاحنها
تهزّ قلب الصّباح إرنانا

لو يعلم الزّهر سرّ عاشقه
أفراد لي من هواه بستانا

فلا تراني العيون مقتحما
سياجه أو تحسّ لي شانا

إذا لغرّدت في خمائله
و صغت فيه الحياة ألحانا

لكنّه شاء الخلق مبتدع
من فنّه العبقري فنّانا

أراده شاعرا فدلّهه
و سامه جفوة و هجرانا

فليحمني الحسن زهر جنّته
و ليقضي العمر عنه حرمانا

ما كنت لولاه طائرا غرّدا
و لو جهلت الغناء ما كانا !