قيثارتي - علي محمود طه

بدّدت يا قيثارتي أنغامي
و نسيت لحن صبابتي و غرامي

مرّت ليل كنت مؤنستي بها
و عزاء نفس جمّت الآلام

تروين من طرب الصّبا و حنينه
و تذهبّين حواشي الأحلام

كالبلبل الشّاكي رويت صبابتي
لحنا تمشّى في دمي و عظامي

أنشودة الوادي و لحن شبابه
ذابت على صدر الغدير الطّامي

شاق الطّبيعة من قديم ملاحني
أصداؤك الحيرى على الآكام

و شجا البحيرة و استخفّ ضفافها
لحن كفئر موجها المترامي

ياربّة الألحان غنّي و ابعثي
من كل ماض عائر الأيّام

هل من نشيدك ما يجدد لي الصّبا
و يعيد لمحة ثغره البسّام

و يصوّر الأحلام فتنة شاعر
توحي الخيال لريشة الرّسّام

وادي الهوى ولّت بشاشة دهره
و خلت مغانيه من الآرام

طارت صوادحه و جفّ غديره
و ذوى بشطّيه النّضير النامي

و اعتاض بهمس النّسيم بعاصف
داو يشقّ جوانب الأظلام

و هو الصّدى الحاكي لضائع صرختي
و صداك بين الغور و الآكام

قد كن ألاّفي و نزهة خاطري
و سماء وحي الشّعر و الإلهام

مالي بهنّ سكتن عن آلامي؟
أنسين عهد مودّتي و ذمامي ؟

يا ربّة الألحن هل من رجعة
لقديم لحنك أو قديم هيامي؟

فاروي أغانيّ القدامى ، و انفثي
في اللّيل من نفثات فلبي الدّامي

علّ الذي غنيت عرش جماله
و طفقت أرقب أفقه المتسامي

تشجيه ألحاني فيسعدني به
طيف يضنّ عليّ بالإلمام

مالي أراك جمدت بين أناملي
و عصيت أنّاتي و دنعي و إلهامي

خرساء لا تتلو النّشيد و لا تعي
سرّ الغناء و لا تعيد كلامي

يغري الكآبة بي و يكسف خاطري
أنّي أراك حبيسة الأنغام