ثلج و نار - علي محمود طه

أ أيّتها النّار هذا المساء
قسى برده فانهضي و استفيقي

أيا نار كفّاي أثلج منه
فهلا بعثت بدفء الحريق !

***

أما فيك بعدحياة تشبّ؟
أم فيك من جذوة تلهب ؟

أمقرورة أم غفى و انطوى
على نفسه اللّهب المتعب؟

***

أأجلس يا نار وحدي هنا
أراعيك و هنا و أستطلع ؟

خذي ملء شدقيك هذي الرّسائل
إن كان فيهنّ ما يشبع !

***

خذيها ! كليها ! و لا تمهلي
فمنها الوقود و منك الأجيج

و يا من لها كلمات الحوت
من الحبّ كلّ جميل بهيج !

***

أتبقين حقا على ما بها ؟
متى أنت أبقيت شيئا ؟ متى !

و ماذا أرجّي بهذا الدّعاء
و كيف تلبّين ! واحسرتا !

***

أجائعة أنت ؟ يا للشّراهة
ما عفت غبر بلى أو رماد

تشهّيت كلّ طعام ، و ما
تذوّقت شيئا كطعم المداد ؟

***

و من لي بزادك ؟ لم يطبق ما
يلوك لسانك أ بعلك

أأيّتها النّار ويك اصبري
أجئك بكلّ الذي أملك

***

بقرباني القدسي الأخير
أزاهير كنّ رقاقا لطافا

أزاهير تزهى بها باقة
ذوت نضرة و أصابت جفافا

***

ألا كم تألّقن فوق الغصون
زواهر في روعة و اتّقاد

بكفيّ هاتين جمّعتهنّ
من كلّ روض و من كلّ واد

***

فوا رحمتا أيّ عمر قصير
لهنّ ، و أيّ شباب ذوى

و أيّ حياة كحلم سرى
سرى البرق لألأ ثمّ انطوى !

***

أحقا فرغت ؟ إذن ما سعارك
لم يبق يا نار ما ينهش

أهذي القصاصة ؟ لا ! إنّني
أضمّ عليها يدا ترعش !

***

أكانت سوى قطعة غضّنت
من الورق اليابس الأصفر

مهلهلة غير مقروءة
حوت قصّة الحبّ في أسطر !

***

ضننت بها ضنّ معتزّة
و تحت الوسادة أودعتها

أقبّلها مئتي مرة
إذا جنّ شوقي أطلعتها

***

فبا للشّراهة ؟ ماذا أرى ؟
لسانك في ثورة و اهتياج

يكاد إليّ من المصطلى
بجمرك أن يتخطّى السّياج !

***

خسئت فردّيه ! ماذا يروم ؟
ألم يبق يا نار ما يطعم ؟

أهذي القصاصة ؟ يا للحريق
و يا للبلى ! شدّ ما يؤلم !