في الشّتاء - علي محمود طه

ذكّريني فقد نسيت و يا
ربّ ذكرى تعيد لي طربي

و ارفعي وجهك الجميل أرى
كيف هذا الحياء لم يذب

و اسندي رأسك الصّغير إلى
ثائر في الضّلوع مضطرب

ذلك الطفل ، هدهديه فما
ثاب من ثورة و من صخب

و امنحني عيني النّعاس على
خصلات من شعرك الذّهبي

ظمأي قاتلي، فما حذري
موردي منك مورد العطب

ثرثري، و اصنعي الدّموع و لا
تحفلي إن هممت بالكذب

بي نزوع إلى الخيال، وبي
للتّمنّي حنين مغترب

و اعجبي منك إن نسيت و ما
أسفي نافع و لا عجبي

لم أزل أرقب السّماء إلى
أن اطلّ الشّتاء بالسّحب

موعدنا كان في أصائله
ضفّة سندسيّة العشب

نرقب النّيل تحت زورقنا
و خفوق الشّراع عن كثب

و ظلال النّخيل في شفق
سال فوق الرّمال كاللّهب

كأسنا مترع و ليلتنا
غادة من مضارب العرب

ويك ! لا تنظري إلى قدحي
نظرات الغريب ، و اقتربي !

شفتاك الندّيتان به
فيهما روح ذلك الحبب

شهد المنتشي بخمرهما
أنّ هذا الرّحيق من عنبي !!