يوم فلسطين - علي محمود طه

فلسطين لا راعتك صيحة مغتال
سلمت لأجيال و عشت لأبطال

و لا عزّك الجيل المفدّى و لا خبت
لقومك نار في ذوائب أجبال

صحت باديات الشّرق تحت غبارهم
على خلجات الرّوح تربك الغالي

فورارس يستهدي أعنّة خيلهم
دم العرب الفادين و السؤدد العالي

بكلّ طرق منه صخر منضّر
و كلّ سماء جمرة ذات إشعال

غداة أذاعو أنك اليوم قسمة
لكلّ غريب دائم التّيه جوّال

قضى عمره ، جمّ المواطن – و اسمه
مواطنها – مابين حلّ و ترحال

و ما حلّ دارا فيك يوما ، و لا هفت
على قلبه ذكراك من عهد إسرال

محا الله وعدا جطّه الظام لم يكن
سوى حلم من عالم الوهم ختّال

حمته القنا كيما يكون حقيقة
فكان نذيرا من خطوب و أهوال

و فتّح بين القوم أبواب فتنة
تطلّ بأحداث و تومي بأوجال

أراد ليمحو آية الله مثلما
أراد ليمحو اللّيل نور الضّحى العالي

فيا شمس كفّي عن مدارك و اخمدي
و يا شهب غوري في دياجير آجال

و يا أرض شقّي من أديمك و ارجعي
كم كنت قبل الرّسل في ليلك الخالي

ضلالا رأوا أن يسلموا الشرق مجده
و ماهو بالغافي و ما هو بالسّالي

ألا يا ابنة الفتح الذي نوّره الثّرى
و طهّر دنيا من طغاة و ضلاّل

و اكرم قوما فيك كانوا أذّلة
فحرّرهم من بعد رقّ و إذلال

لك الشّرق ، يا مهد القداسة و الهدى
قلوبا تلبّي في خشوع و إجلال

لك الشّرق ، يا أرض العروبة و العلى
شعوبا تفدّي فيك ميراث أجيال

و ماهو من مستعمر جاء بالهوى
و لا هو من مستثمر في قيود و أغلال

سليه ، تهج ما بين عينيك أرضه
مخالب نسر أو براثن رئبال

سليه ، يمج ما بين سمعيك أفقه
زئير أسود أو زماجر أشبال

سليه الدّم المهراق بذله غاليا
و يضرب به الحقّ أروع أمثال

***

ألا أيّها الشّادي الذي طرب الورى
بحلو حديث عن حقوق و آمال

و قال لنا : في عالم الغد جنّة
غزيرة أنهار و ريفة أظلال

سمعنا خدعنا ، و انتبهنا ، فحسبنا
لقد ملّت الأسماع قيثارك البالي

و ياأيّها الغرب المواعد لا تزد
كفى الشّرق زادا من وعود و أقوال

شبعنا و جعنا من خيال منمّق
ز منه اكتسينا ، ثم عدنا بأسمال

فلا تندب الضّعفى و تغصب حقوقهم
فتلك إذا كانت ، شريعة أدغال !!