مصرع سياسي - علي محمود طه

كم شهيد فيك مهدور الدّماء
لا تراعي ! أنت أمّ الشهداء

كلّ غال من متاع و دم
لك يا مصر ، و ما عزّ الفداء

إيه يا مصر ، خذي ما شئته
و لداعي المجد منّا ما يشاء

كيف يودي بفتى من خلقه
كلّ معنى من سماح و وفاء

كمن الغدر له ، ثمّ رمى
عن يد عسراء شعواء الرّماء

صاعدا يرقى على سلّمه
درج المجد و مرموق العلاء

دمه المسفوك حبّ و ندى
و مزاج من حياء و إباء

و رحيق عطر من نفحه
يمثل الأعداء قبل الأصدقاء

و هوى للوطن الحر الذي
خرّ في حومته بعض ذماء

لو أتاه نبأ عن قتله
قال : وهم و أحاديث افتراء

فتنة حمراء شبّت نارها
شهوات ينتحين الأبرياء

عربدت هوجاء و استشرت قوى
و استبدّت بعقول الضّعفاء

باطل ، إن مرتّ الرّيح به
طار عن صاحبه و هو هباء

و إذا لمح النّور جرى
و تخفّى تحت جنح من مساء

لا تقولوا طائش في رأيه
إنما الرأي من الغدر براء

إنّما النّاس لهم آراؤهم
و همو الأحرار فيها الطّلقاء

و على ودّ و برّ و هدى
لهمو فيها فراق و لقاء

غير ما مسّ دما فاجهر به
و تحدّ الحاكين الأقوياء

و اذكر الأوطان لا تأخذ بما
يكتب الحقد و يمليه العداء

ليس من مصر و لا من أهلها
مزهق الأرواح أو مجرى الدّماء

***

يا زعيم الشّعب هذي محنة
فوق مايحمل طوق الزّعماء

ليست الأولى و قد كنت لها
غرضا ، منه لك الرّوح و قاء

قدّر الله ، و ما قدّره
ليس يعفى من سكان السّماء

من يكن مثلك في إيمانه
كيف أدعوه لصبر أو عزاء

إنني أرثي لمصر رجلا
مصر منا فيه أحرى بالرّثاء !

***