فارس الموت - رشيد ياسين

عقود من العمرمرٌتْ و أنت تعبٌ الدماءْ
و ما زلتَ ظمــآن تشكو الصدى
و تملأ جـــوفك دون ارتواء !
تمرٌغت في برك من دم الأبريــــاءْ
و أدمعهم ، و كتبت بحــد المِِدى
و حبل المشانق تاريخك الأســـودا
و أتخمت بالرعب كلٌ القـــرى
و أحرقت خضْرالسهول و بيض الذرى
ولم تبق نافذةً يتسرٌب منها الضياء
ولامـــنزلاً لم تخيٌم عليه طيوف الفناء
ومازال ينهش أعصابك العطش البربري
ْْْْو تصرخ " لا خمر مثل الدٌم القرمزي **
" و لا لحن مثل صليل السيوف ! "
و ها أنت تزحف مثل الوبــاء ْ
و خلفك تمشي الحتــــوف
براياتها الســود ، تسحق كل البراعمْ
وتبني متاحفَ للرعب أســوارها من جماجم !
و أنى توجهت يقفو خطــاك البلى و الخرابْ
ويكشف عن ناجذيه الـــردى
و يشهق مختنقاً بنجيع ضحاياك حتى التراب
ومازلت كالذئب تعوي وتشكو الصـــــدى
وتشحذ للأبريـــــاء الـمُدى !
لك الويل ، يا وغــــــدُ ، ما أبشعَك !
و أبشع هذا الزمـــان الذي أطلعك !
وسحقاً لفاجرةٍ ثديها أرضعـــــــك !
تلذذت دهــــراً بآلامنـــــا
ولم تبق من كل أحلامنــا
سوى واحدٍ : أن نرى مصــرعك !
___________
* كُتبت هذه القصيدة بوحي من قصيدة ” تمجيد الحرب " التي ترجمها
الشاعر الأميركي المعروف " عزرا باوند" إلى الإنجليزية عن فارس من
منطقة بروفنس في جنوب شرقي فرنسا اسمه " برتران دي بورن " عُرف
بتعطشه للدماء. و قد وضعه الشاعر العظيم " دانته أليجيري " في النشيد
الثامن والعشرين من ملحمته بين سكنة الجحيم ، لأنه كان من مثيري الفتن
الدموية. ومن الطبيعي أن هذه القصيدة لم تكن لتكتب لولا أننا ، نحن
العراقيين ، قد رزئنا بمدعي فروسية لا يقل بطشاً و دموية عن دي بورن
المذكور.
** العبارات الموضوعة ضمن أقواس صغيرة مستقاة من ترجمة باوند المشارإليها.