في ليالي الشتاء - رشيد ياسين

في ليالي الشتاء ، إذ يغمر الدنيا ظلام يعجّ بالأشباح ِ
وتشيب النيران في الموقد الخابي ، و تفنى ذبالة المصباح
*
و تظلّ الرياح تبكي كأمّ ثاكل ٍغيّب التراب فتاها
وحفيف الأشجار يوقظ في نفسي البعيد، المنسيَّ من ذكراها
*
تتراخى على الكتاب ذراعاي و أمضي ، وبي حنين مُثارُ
أرقب الليل عبر نافذتي المرخى عليها من التراب ستار
*
حالماً ، والوجوم يعصر قلبي بليالي الشتاء عند الطفوله
يومَ أوحت ليَ السذاجة أني عند أبواب جنّة مجهوله
*
بالليالي العِِذاب ، ينفقها أهلي جلوساً على بساط عتيق
و البخار السجينِ تلذعه النارُ فينسلّ من فم الإبريق ِ
*
وأحاديث جدّتي عن فريق ٍ من بني الجنّ يسكنون الفيافي
فيهم المارد المخيف و فيهم ذو القرون الطوال والأظلاف
*
ولهم قرية تغيب نهاراً وتُرى عندما يجنّ الظلامُ
يجد الخيّرون فيها ملاذاً و مصير الأشرار فيها الحمام
*
وأخيراً …أفيق من ذكرياتي فأراني في زحمة الناس وحدي
وأرى الشوكَ ملءَ دربي ويبدو فاغراً فاه في أقاصيه لحدي
*
وأرى عالماً ، مملاً، كريهاً فقدت فيه سحرًها الأشياءُ
ليس خلواً من الخرافات، لكنْ ليس فيه براءة أو نقاء
*
ذهب الدهرُ بالصبا ورؤاه وتوارت مدائن الأحلام ِ
وتعرّى الوجود مما نسجنا حوله من مطارف الأوهام
*
فإذا نحن ضائعون، حيارى في متاهات عالم ٍمجهول ِ
غرباء عن أقرب الناس،نسعى في الدجى دون غايةٍ أو دليل