ذكريات في ليلة مقمرة - رشيد ياسين

من خلال العريشـــة ينســاب ضوء القمــــرْ
قَطـَـرَاتٍ من الدمع , فضّيـــة ً, شــاحبــــــه...
والحديقــــة مقفرة , يتهامس فيها الشــــجرْ
عن هوانــــا وأحلامنا الذاهبــــه..
عن عذوبة صوتــــكِ , عن ســحر عينيك , أيتها الغا ئبه !
حين كانت تنام المدينة تعبى
وتهـــدأ حاناتهــــا الصاخبــه
وينادي " الإله الصــــغيرُ "
فتفتح مملكة الســحر أبوابهـــــا
وتوافي الأمـــيرة فارســـها المنتظـــرْ
كنت آخذ وجهـــك في راحتيّ
وأمعــن فيكِ النظَـَــرْ..
آه , كم كنت مذهلة ً في ضيا ء القمـــرْ !
أتذكـــــر رنة صوتك ,نظــرتك الوالهـــــه...
أتذكر كم كنتِ شـــفافة ً...
كعذارى الأســاطير , كالآلهــــه !
و تعود إلى خاطري الآن بين ركام الصُوَرْ
لحظة كنتُ فيها حزيناً ,
وكنّــا نودّع ليلتنــا تلك عند تخوم السـَـحَــرْ...
قلتِ لي , و ذراعا ك حولي :
- لماذا الأسى , يا حبيبي ؟
أليست هناك ليال ٍِأخـَــــرْ ؟
و كتمتُ هواجسَ روحي و إحساسَها بالخطرْ
لم أقل لك لحظتها أنني كنت أســـمع
من خلفنــا خطوات القـــدَر !
لم أقل لكِ إنّ هوانا ســـيهزم يوماً ,
فقد كان أنقى و أجمــــــلَ
مما يطيق غباء البشـــر !
* * *
أين أنت , ترى , الآنَ , أيتها الغائبـــــه ؟
هل توقـّــفَ جرحك عن نزفهِ ,
فخرجت لتمضي مســـاءك في حانةٍِ صاخبه ؟
...
أم فتحتِ نوافذك الخُضْرَ
ينســـاب منها ضياء القمَــــرْ
وجلســـتِ – كما أجلس الآن –
حالمة ًبهوانــا و أيّــامنا الذاهبه ؟ !
________________
دمشق- 1973