الجندي والأرض - رشيد ياسين

قالت له التلال
لما أتاها هارباً من ســاحة القتالْ:
" ويلٌ لأمثالك ، يا جبانْ !
مَن لتراب الوطن المهانْ
إذا تخلى عنه في محنته الرجالْ !"
- ما كنتُ يوماً ما جباناً ....إنما السؤال
من أجل ماذا ينبغي علي أن أموتْ
أنا الذي لا بيتَ لي في هذه البيـوت
و لم أرثْ شيئاً سوى الفاقة و الأغلالْ ؟ !
*
لكنها أرضكَ..أنظر هذه التلالْ
و هذه السهولْ
ألا ترى تنوع الجمال
في هذه الأودية الخضْر لدى تنوع الفصول ؟
ألا ترى الأدواح وهي تفرش الظلال
على الثرى ، و الأرض وهي تنبت الثمار و البقول ؟
غداً يجيء عسـكر المغول
يملأ من خيرات هذا الوطن السلال
و كل ما يملكه شعبك قد يؤول
إلى غريب طارىء لم يثنِهِ شيء عن الدخولْ !
- سيانِ عندي جاء أو لم يجىء الغزاةْ
فنحن نقتات على الحالين بالفتات !
لم نرَ في حياتنا شيئاً سـوى الظــــلام
و نحن من يُقـتَل في الحرب..و من يُظلم في السـلامْ
ليغرف الباقون من مباهج الحياة !
*
- و هل نسيتَ ، أيها الناجي من القتال ،
فتاتك السـمراء ذات الجسد الممشـوق و الغدائر الطوالْ
ألم تفكر أنها قد تعرف الجوع و قد تواجه الإذلال ؟
و ربما يسـلبها الغزاة
أعز ما تملكه فتاة ؟ !
فتاتيَ السـمراء ذات الجسـد الممشـوق و الغدائر الطوال
- أ واه..ما أعمق ما هيجت من شجونْ
زُفت إلى منزل شـيخ ٍ طاعن ٍ مأفونْ
أفرغ في حجر أبيها حفنة ً من مال !
*
و اعتصمتْ بصمتها التلالُ..لكنْ بقي السـؤالْ
يرن في سـمع الفتى: يا أيها الجبانْ
من لتراب الوطن المهان
إذا تخلى عنه في محنته الرجالْ ؟ !
__________
دمشـق 1972