من أوراق يوليسس في رحلة الضياع - رشيد ياسين

(1 )
ضاع في الأسفارعمري
وأنا أبحث عن عينيك ِمن بحر لبحر
علّني ألمح في بعض المرافىء
أو على صخرة شاطىء
طيفك الساحريكسوه جلال الآلهه
يسأل الأمواج عني ، عن قلوعي التائهه!
( 2 )
رويدَك ، يا زورقي المغترِبْ
إلى كم تجوب الخضم اللجِِِِِب ؟
شراعكََ يبليه كّر السنين
ويلطمه الثبج المصطخِب
وربّانك المجهد الساعدينِِِِِِ يحملق في الأ فٌُُُُُُُُُُُق المكتئب
لعل فوانيس خلف الدجى
تبشر با لمرفأ المقترب
رويدك ! ماذا وراء السرى؟
وأين الخلاص الذي نرتقِِب؟
أراني ، وقد ضيعتني الدروب ،
أجد وراء رجاءٍٍ كذِِ ب
أنادي التي حبها في دمي
و أبحث عن طيفها المحتجب
فلا البحر يأتي بما أشتهيه
ولا هو يقصي الذي أجتنب
جراحي يؤججها ملحه
وينآى بيَ الموج عمن أحب
وهبني قذفت إلى سا حلٍ
وأرخيت مجدافيَ المضطرب
فمنذا يرد شبابي السليبَ
من قبضة الزمن المغتصب؟
( 3 )
دهر من الأحزان ، من محن تراع لها القلوب!
دهربأكمله مضى !...
وشراعيَ البالي يجوب
زبداًً و أمواجاً ، و "إيثاكا" البعيدة ما تزال
حلماً يجدّده الخيا ل
في القلب ، حين يكف عن جَيَشانه البحر الغضوب !
ما ان تهادنني الرياحْ
حتى يلوذَ – كطائر تعِب ٍأمضته الجراح -
قلبي بدفء الذكريا ت
فأراكِ مقبلة علي كأنما حجب تزاح
وكأن أنفاس الربيع يزفها ألََِق الصباح!
وأرى "تليما ك" الصغيرْ
يلهو و يجهل ما تخططه الليالي من مصير
لأبٍ ستأخذه الحروبْ
ويؤوب كل النا س من سوح القتال...ولايؤوب!
يا ليتَ أن المرء يعلم ما تخبئه الغيوب!َ
"بنلوب" ، يا حبي..
ملامحك البهيّة ما تزا لْ
في القلب ماثلة...فهل طمس الأسى ذاك الجمال ؟
هل جلّّل الزمن الأُثيمْ
خصلات شعرك بالرماد؟
ومحا النضارةَََ في محيا ك التوجّع و السهادْ
- مثلي – وأنت تراقبين البحر في حزن كظيم؟!
- هل تقعدين بلا سمير عند موقدنا القديم ؟
- و تسائلين الليل عني : أي تيه ٍفي الوجودْ
زجت بيَ الأقدار في ظلما تهِ؟....ومتى أعود؟..
- أم أن قلبك ملّ طول ترقب ٍمضن ٍ، عقيمْ
- وخبت مع الأيام جذوة ذلك الحب العظيم ؟
- بنلوب..من يدري ؟ لعلّي لن أعود..
- أنا موغل في التيه ، و الظلمات ليس لها حدود..
لكنني سيّا ن عدت إليكِِ
أو فغر الجحيْم
لسفينتي أشداقه ، فهواكِ في قلبي مقيم !
( 4 )
غاب أصحابك ، يا هذا ، و أبقوك وحيدا
تصحب الظلمة و الأنواء و البحر العنيدا
و ترى الأسحارَ و الآًصال تغدو و تروح
يتوالى الحرّ و البرد...و لا شيْ يلوح
غيرَ وحشٍٍ ٍٍأزرق السحنة يمتدّ رهيبا!
و رياح تملأ الدنيا دويّاًً و نحيبا...
و حشودًٍ من جبال الموج يأ تين سراعا
و قلوع واهياتٍ تتداعى!
كلّ أصحابك غابوا!
عبروا بوابة الموت تباعا...
ختموا رحلة صبر وعذاب !
بعضهم ماتوا جياعا
بعضهم أمسى طعاماًًًً لكلاب البحر
و البعض تمادى في الشراب
علّه ينسى ليالي الرعب و العمر المضاعا !
بعضهم لم يثنه التحذير
بل أغراه رجع الأغنيا تْ
عندما حاذى بنا المركب أرض الساحراتْْ
فارتمى ، من حمقه ، في لجّة اليمّ...وما ت!
و غداً دورك آ ت..
فإله البحريقفو ، حيثما تمضي ، خطا كْ !
لم يعد للوحش ما يبغيه من صيدٍ سواك !
وسيغتالك يوماً مأ ، فقد خارت قواك...
لم تعد تقوى على الإمساك بالدفةِِِ
في الريح يداك !
أيها المبحر كالأعمى و قد ضلّ سبيله
لا تخفف جزع الروح بأوهام جميله
لن تمسّ الشاطئ المأمول يوماً قدماكْ !
_______________
* يوليسس (أو أوذيسيوس ، كما يسميه اليونانيون)
هو ملك جزيرة "إيثاكا" وأحد أبطال حرب طروادة الشهيرة