راهب الألم - فتوح مصطفى قهوة

كان شعرى من تراتيل الحياه
ولحونى ؛ من مزامير الألم

كيف ضلت عن أغانىّ الصلاه
ثم عقت كل أحلامى القمم

هكذا نمضى على درب الحياه
فى ارتقاب بين ضوء وظلم

أيها الشاعر ويحى ما أراه

سرّ ألحانك نزف واحتراق

كالذى يقطع من طىّ حشاه

ثم يلقى فى جحيم ما أراق

لهف قلبى من أحاديث أساه
حين يغفو مزّقته أو أفاق

كاد يبكى فى معانيها صداه
فى ابتهال ، و انتظار ، و اشتياق

كسجود الروح فى سرّ طواه
كظلال الصمت فى جرح الفراق

كالتفات النور مذهول سناه

أيها التائه فى قفر الرياح

نظرة المذبوح قد ألقى عصاه

حيث ترقى الروح ما فوق الجراح

روعة الآلام سرّ للنجاه
من رؤى المجهول فى عين الصباح

تحمل العمر خلودا ؛ منتهاه
فى عروش النور موصول الطماح

إن فى الأرواح فى أقصى مداه
هدأة الغفران فى دير النواح

راهب الآلام موقوفا خطاه

هيكلا من ذكريات ودموع

تهب الماضى جلالا لنداه

وتعانى روحك الحيرى الخشوع

أىّ طهر فى تسابيح الرعاه
تسكب الآمال فى صمت الركوع

كخطى وحى وإلهام رباه
لقن الأعراف تهليل الرجوع

هزّ من أوتارها طير شجاه
خفقة الآباد للمعنى الرفيع

أنت معنى الحب فى أسمى مناه

من طوايا الغيب فى محض نغم

كل لحن أنت فى قدس سماه

ديمة تهمى بأنوار الكلم

شاءت الأقدار أن نحيا الحياه
ونرى السلوان وهما فى عدم

كم أقمنا فوق ماضينا صلاه
وتلونا من مآقينا القسم

وغفرنا كل آثام الحياه
فسمونا فوق هامات الألم