مِن ثَدْيَيَّ أُرْضِعُ الوحوش - سامي العامري

صَفصافةٌ تُثْمِرُ إجّاصاً ... قصيداتي
زيتونةٌ تسيرُ في الأعراسِ
والهلاهلُ الثمارْ
طَلْعٌ يُظَلِّلُ الذاهبَ والآتي
ويَختِنُ الصِّغارْ !
*****
لكي تُجيزَ فِكرةً كالمَعْبَرِ الدقيقْ
بينَ الحقيقةِ الكُبرى وبين العَدَمْ
لكي تكونَ الساحلَ المُبْحِرَ والبحرَ العميقْ
لا بُدَّ أنْ تُصادِقَ الألمْ !
*****
تنتصرُ الروحُ ؟ نعم
لكنَّها دون دفاعٍ هكذا دون غطاءْ
إنَّ انتصارَ الروحِ دائماً
لِباسُهُ العراءْ
*****
إذا انتَميتُ فانتمائي لضبابِ الغابةِ الشبيهِ بالهديرْ
لِرَجْعِهِ المُستَديرْ !
يُذْكِرُني بالشُّطوطْ
وبالمرايا والخطوطْ
أمّا وقد سعى الليلُ خُطىً أشُمُّها
وفي حَنايايَ أضُمُّها
فلتَذْكُرِ الغابهْ
انا الذي عمَّقَ فيها تلكُمُ الغرابهْ
غرابةَ الأجنبيْ
يَشُذُّ عن أقرانهِ مُستَأذِناً
ومُستَعيراً في التعابير التي يختارُها
فضلَ نبيْ !
*****
بعينيَ الكُبرى أرى وحدتي
ملحمةً مكتملهْ
فتارةً أرتعي مثل الفِيَلهْ
وتارةً أقدحُ كالنجماتْ
أمرُقُ من شرايينِ الزمانِ
أسبُقُ الصرخاتْ
أخلُقُ أعداءاً وأتباعاً
أُجَيِّشُ الجيوشْ
أزرعُ الغاماً وأنغاماً
ومِن ثَديَيَّ أُرْضِعُ الوحوشْ
وتارةً المَحُ كلَّ مبذولٍ لديَّ ثابتاً مُعَبِّراً فريدا
وحينما أفتحُ عينيَ الصُغرى - وقَلَّما أفتَحُها -
ألمَحُني وحيدا !
*****
هذا الذي كان وكان أيُّها الطبيبْ
أمّا لماذا جئتُ ها هنا فانني أجيبْ
سُرتُ على الدرب دروبا
وحين ظَلَّ يمضي بي
أدركتُ أنَّ اللّعْنَ طُوبى
وعالمَ التشَرُّدِ النقيِّ كالإيمانْ
وفَجأةً وجدْتُني أذكرُ أهل الغد بالأسماءْ
لكنني حين التَفَتُّ للوراءْ
إذا بقامتي قد أصبحتْ مُحدودِبهْ
وكلِّ ما حولي مُغطّىً بالصدى والدخانْ
وكانت السماءْ
سُجّادةً مُثَقَّبهْ
خطوطُها تَضُجُّ بالوقاحهْ
مثلي انا الآنَ أجيءُ ناشداً منكمُ لا استشارةً
وإنما استراحهْ
تُغْني ولا تُغني !
*****
دافعُ تحنيطِ اليقينِ فاجرٌ
يطري لَذاذاتٍ
مَراسيها الضَّغينهْ
شوارعُ التَفَّتْ على الأعناقِ هكذا
كحَبْلِ سُرَّةِ المدينهْ !
*****
تَرغبُ أنْ تلحقَ بالأبعادِ
انتَ الجَسَدُ - القِشّةُ في دوّامةِ العيشِ
لكنْ للَحظاتٍ
ترى العالمَ أسماكاً هزيلاتٍ
وأمّا انتَ فالأوحَدُ فيها سَمَكُ القِرْشِ !
*****
معضِلةٌ مسدولةٌ يفيضُ عنها البَدَنُ
وثعلبٌ ما عاد ماكِراً وإنما مُدَجَّنُ
والريحُ لونٌ مُحزنُ
*****
كلُّ الطيورِ هاجَرَتْ
وقد رأيتُها تَزعَقُ كالجيوشِ
هل يا تُرى حَطَّتْ ام انحَطَّتْ على رموشي ؟
*****
تبحثُ عن مَدارِها الشفاهُ
أدري
وموسيقىً من الجروحِ يستقبِلُنا اللهُ
*****
أزقَّةٌ ضيَّقةٌ لكنّها مليئةٌ رأفهْ
أمشي على أطرافِها
أمشي لأني مؤمنٌ بالسِّحْرِ نوعاً ما او الصُّدْفهْ
مُصَمِّمٌ : لا بُدَّ أنْ يحصلَ شيءٌ ليس في البالِ
كأنْ تنزُلَ نحوي عِبْرَ ساقٍ مثلما اللَّبلابِ شُرْفهْ !
*****
ليس لأحلامي نظيرْ
الى بيوتِ النحلِ في الليلِ أرى
أسألُ : هل لي يا تُرى فيها سريرْ
وشمعةٌ من ضوئِها أُعرَفُ ؟
او طَبَقٌ من عَسَلٍ
بهِ يدي تَهتُفُ !؟
*****
كُرهُكَ للأعمالِ
والحسِّ المُمِضِّ في تَكَلُّفاتِها أنكَ لا تَعملُ بل تغيبْ
ولَذَّةُ الديونِ
ما ألَذَّها وهيَ تجيءُ من غريبْ !
*****
تستَقبلُ الحُمّى
تودِّعُ الأرصِفهْ
ترجو لها الراحةَ والأمانْ
تدخلُ مشفىً نفسهُ سكرانْ
لا شيءَ يعنى بكَ إلاّ الصمتُ , صمتُ المكانْ
وعالَمُ الرتابةِ المُتْلِفهْ
*****
لقد تمرأيتُ هنا في ظِليَ المديدْ
رأيتُني أُقَرِّبُ البعيدْ
أجمعُ أشتاتي
ما كان حَولي أحَدٌ
وقبلَ أنْ ينفتِحَ العالمُ لي ثانيةً
طويتُ مِرآتي
*****
هل كلُّ هذا راجعٌ للداءْ ؟
حَرٌّ وبَرْدٌ ثُمَّ شمسٌ ومطرْ
غيمٌ وصحوٌ ورعودٌ ووَفَرْ
يَحْدُثُ هذا كُلُّهُ في ساعةٍ واحدهْ
في طقسِ المانيا فيا لَلمائدهْ !
يا أيُّها الطقسُ
على عِلْمي انا ما لكَ مِن أعداءْ
فكيفَ فقْتَ حيلةَ الحَرْباءْ !؟
*****
ها قد دنا الليلُ المُغطّى بالهلالْ
وسُدَّ لونُ الأرضِ بالأقفالْ !
*****
دمعٌ غزيرٌ
وخدودٌ لونُها لونُ البوادي
عُذْرُ بلادي !
*****
( شيءٌ يُذيبُ الصخرْ )
أمرٌ سمعناهُ
ولكنْ أنْ يَذوبَ الماءْ !
قد تمَّ هذا فوق سطحِ البحرْ
وعندما التقى جبينُ الماءِ
بانتقالةِ الضياءِ عند المغيبْ
ام انني انا الذي كنتُ أغيبْ ؟