فَيْضُ الْــ (وِدِّ) مِنْسَأَتِي - سعد الياسري

I
عَلَى أَعْتَابِ مَحْبَرَتِي وَ أَوْرَاقِي ؛
تَجَلَّتِ لَذَّةُ الشِّعْرِ ..
بَنَفْسَجَةً تُعَانِقُ مَكْمَنَ العِطْرِ .
كَطَيْفٍ رَامَ تَحْلِيقًا ..
إِذَا نَبَتَتْ عَلَى الأَعْطَافِ أَجْنِحَةٌ مِنَ السَّمَرِ .
كَلَوْحٍ ضَاقَ بِالْدُّسُرِ .
كَمِيقَاتٍ ؛ يُطَهِّرُنِي ..
إِذَا حَلَّتْ فُرُوضُ الدَّمْعِ يَغْسِلُنِي .. وَ يُجْلِي رَكْبَ آثَامِي ,
وَ يَمْضِي بَعْدَ ثَوْرَتِهِ إِلَى عَرَبَاتِ نِسْيَانِي ,
كَمَا اِرْتَحَلَتْ - بُعَيْدَ الرَّقْصِ – غَانِيَةٌ ..
إِلَى جَيْبٍ بِمِعْطَفِ عَازِفٍ غَجَرِي .
فَشَتِّتْ يَا شَهِيقَ الرُّوحِ - فِي صَلَفٍ - بَقَايَا اللَّحْنِ وَ الوَتَرِ .
وَ رَتِّلْ يَا نِيَاطَ القَلْبِ مَلْحَمَةً ..
عَنِ المَأْهُولِ بِالْحُزْنِ ,
عَنِ العَيْنِ الَّتِي حَشَكَتْ بِأَدْمُعِهَا ,
عَنِ القَوْمِ الأُلَى عَبِثُوا بِأَرْكَانِي ,
عَنِ النُّوقِ الَّتِي حَمَلَتْ دِنَانَ الخَمْرِ وَ اِسْتَافَتْ دُرُوبًا عَبْرَ شَرْيَانِي ,
عَنِ الدَّهْرِ الَّذِي أَفْنَى فَرَاشَاتِي وَ أَلْوَانِي .
وَ غَنِّ ؛
مِثْلَمَا غَنَّى ذَبِيحُ الطَّيْرِ ,
وَ اِسْتَعِرِ .
لِتُنْحَرَ نَشْوَةُ الحَرْفِ ,
وَ يَبْقَى الحُبُّ مَسْفُوحًا ؛
يُبَاعُ وَ يُشْتَرَى جَهْرًا بِسُوقِ الرِّقِّ وَ العَهْرِ .. !!
II
نِسَاءُ الحَيِّ فِي خَجَلٍ :
- أَ أَنْتَ العَاشِقُ المَصْلُوبُ – أُغْنِيَةً - عَلَى النَّهْدَيْنِ وَ الثَّغْرِ .. ؟!
- أَنَا الضِّدَّانِ مُلْتَحِمَانِ فِي أَمْرِي .
أَنَا جَسَدٌ بِنِصْفَيْنِ ؛ مِنَ الفِرْدَوْسِ أَوَّلُهُ .. وَ نِصْفٌ مِنْ حَمَا البَشَرِ .
أَنَا غَيْمٌ تَقَمَّصَ كُنْهُهُ مَغْزَى التَّصَحُّرِ وَ اليَبَابْ .
أَنَا قَدَرٌ وَ مَا كَانَتْ غَوَايَاتِي سِوَى عَرَّافَةٍ دُسَّتْ بِرَحْمِ نُبُوءَةِ القَدَرِ .
أَنَا هَرَبٌ مِنَ المَجْهُولِ وَ المَعْلُومِ وَ التَّكْوِينِ وَ الأَسْفَارِ وَ القَبْرِ .
وَ عَيْنٌ قَدْ تَلَبَّسَ جَفْنَهَا زَغَبُ الضَّبَابْ .
أَنَا نَبْضُ الهَوَى العُذْرِي .
أَنَا هَمَجِيَّةٌ عَاثَتْ بِزَهْرِ الجِيدِ وَ النَّحْرِ .
أَنَا يَا نِسْوَةَ الحَيِّ :
سُؤَالٌ كَالْمَشِيمَةِ إِذْ تَعَلَّقَ بِاِحْتِمَالاَتِ الجَوَابْ .
وَ صَوْتٌ كَاِرْتِعَاشَاتِ التَّهَدُّجِ ..
حِينَ أَبْلَتْهُ اِنْحِنَاءَةُ خَاطِرِي فِي جَوْفِ مِزْرَابِ الغِيَابْ .
أَنَا تَوْلِيفَةٌ حَيْرَى مِنَ الرُّهْبَانِ وَ الكُفْرِ .
أَنَا - وَاللهِ - لاَ أَدْرِي .. !!
III
عَلَى قَلَقٍ ؛
كَأَنَّ الرُّوحَ قَدْ مَلَّتْ مُقَامًا فِي رُبَى الجَسَدِ .
أُشَتِّتُ فِي دُجَى لَيْلِي شَيَاطِينِي | مَلاَئِكَتِي .
أُصِيخُ لِوَقْعِ نَاقِرَةٍ عَلَى الطُّرُقَاتِ بِالْكَعْبِ ؛
أُنَاوِشُهَا .. أُبَاغِتُ حُلْمَهَا حَرْفًا ..
وَ فَيْضُ الـْـ (وِدِّ) مِنْسَأَتِي ,
وَ أَرْحَلُ فِي طُلُوعِ الفَجْرِ لِلْتَّابُوتِ كَيْ أَصْحُو ..
(نَبِيًّا) سَاعَةَ العَصْرِ ,
إِذَا اِنْفَرَطَتْ طُقُوسُ الأَمْسِ بِالْذَّنْبِ ..
عَلَى صَوْتٍ يُذَكِّرُنِي :
هُوَ الإِنْسَانُ فِي خُسْرِ .. !!
فَأَسْأَلُ مِثْلَمَا سَأَلُوا :
وَ هَلْ يَبْقَى بَنُو الإِنْسَانِ فِي خُسْرِ .. ؟!
كَأَنَّ الخَلْقَ قَدْ هَلَكُوا ,
إِلَى الأَجْدَاثِ قَدْ رَحَلُوا ,
وَ مَا بَقِيَتْ سِوَى (وَيْلٌ ...) تُذَكِّرُنِي بِآثَامِي ,
سِوَى جَسَدِي بِهَذَا الكَوْنِ يُشْْقِينِي ؛
فَتُرْدِينِي خُطَى الرُّزْءِ إِلَى سَقَرِ .
عَلَى قَلَقٍ أَنِسْتُ النُّورَ فِي دَرْبِي ؛
بِلاَ أَمْرٍ ,
بِلاَ وَادٍ أُقَدِّسُهُ فَيُنْبِئُنِي .
عَلَى قَلَقٍ أنِسْتُ النَّارَ يَا رَبِّي ..
وَ لَكِنْ ؛ أَيْنَ أَتْبَاعِي .. ؟!
فَإِذْ بِالْصَّوْتِ مُؤْتَابًا :
هُوَ الإِنْسَانُ فِي خُسْرِ .. !!