تِسْعَةٌ وَ تِسْعُونَ - سعد الياسري

(شَهْوَةُ التَّعْرِيفِ)
*
مُتَفَرِّدٌ كَثِيَابِ شِعْرِيَ ،
مُزْدَهٍ بِعِمَامَةِ المَعْنَى ،
غَزِيرٌ مِثْلُ حُزْنِ الثَّاكِلاَتِ ،
مُهَيَّأٌ كَالْدَّمْعِ فِي حَدَقِ اليَتَامَى ،
رَاسِخٌ كَنِيَافَةِ العِرْفَانِ فِي جُدُرِ التَّكَايَا ،
مُنْتَهٍ كَقِيَامَةٍ ،
مُعْشَوْشِبٌ كَسَرِيرَةِ الأَطْفَالِ ،
لَمَّاحٌ كَمَا الجَدَّاتُ ،
مَسْكُونٌ – كَمَا الشُّعَرَاءُ – بِالحِيَّلِ النَّبِيَّةِ ،
سَائِغٌ كَطَرِيدَةٍ ؛ إِمَّا الأَحَابِيلُ ، وَ إِمَّا السَّعْيُ مَشْدُوهًا إِلَى اللاَّ حَيْثُ ،
عَيَّارٌ يَعِيثُ بِفِتْنَةِ المَأْوَى ،
أَبِيٌّ كَالْمَمَاتِ ،
مُهَادِنٌ كَوَشِيجَةِ القُرْبَى ،
سَخِيٌّ مِثْلُ رَحْمِ العَارِضَاتِ ،
مُغَامِرٌ يَأْبَى التَّرَوِّيَ ، مِثْلُ مَحْظُوظٍ وَ يَحْتَرِفُ القِمَارَ ،
مُشَاغِبٌ كَأَصَابِعِي ،
مُسْتَنْفَرٌ كَجَسَارَةِ الرُّؤْيَا ،
عَتِيٌّ ؛ مِثْلُ غَطْرَسَةِ الشُّقُوقِ بِكَعْبِ أَقْدَامِ الزُّهَادِ ،
مُحَيِّرٌ كَوِشَايَةِ الأَصْحَابِ ،
ذَبَّاحٌ وَ مُدْيَتُهُ الفِرَاقُ ،
مُطَبِّبٌ وَ الوَصْلُ تِرْيَاقٌ ،
خَجُولٌ مِثْلُ عَيْنَيْهَا ،
شَهِيٌّ مِثْلُ طَعْمِ العِيدِ فِي وَجْهِ العِرَاقِ ،
مُخَاتِلٌ كَغَوَايَةِ النَّجْلاَ ،
مُخِيفٌ مِثْلُ بَتْرِ الأُمْنِيَاتِ ،
مُهَيْمِنٌ كَالْنَّازِلاَتِ ،
مُنَافِسٌ كَتَزَاحُمِ السُّرَّاقِ فِي بَلَدِي ،
وَدُودٌ مِثْلُ حُلْمِ الأَنْبِيَاءِ ،
مُدَوَّرٌ مِثْلُ اِسْتِدَارَةِ وَجْهِ أُمِّي ، وَ الرَّغِيفِ ، وَ قَصْعَةِ الرُّهْبَانِ ،
أَوَّاهٌ كَقَلْبِيَ حِينَ أَذْكُرُهَا ،
حَمِيمِيٌّ كَجَازَنٍ ، وَ نَبْضِ القَاتِ ..
وَ الأَصْحَابِ ، وَ الأَشْعَارِ إِذْ لاَحَتْ كَمَا (الشِّعْرَى) ،
جَفُولٌ مِثْلُ ظِلِّ الطَّيْرِ ،
صَاحٍ - لاَ يُحِيطُ بِمُقْلَتَيْهِ سِوَى التَّيَقُّظِ - مِثْلُ ذِئْبٍ ،
شَاسِعٌ كَاللهِ حِينَ نُحِبُّهُ ،
ثَمِلٌ كَمَا الصَّهْبَاءُ فِي جَوْفِ الدِّنَانِ ،
مُعَطَّرٌ كَمَخَادِعَ الأَخْدَانِ ،
نُورٌ مِثْلُ مِشْكَاةِ اليَقِينِ ،
مُشَاكِسٌ كَشِكَايَةِ النَّهْدَيْنِ لِلْسَّجَّانِ ،
وَضَّاحٌ كَقَوْسِ اللهِ ؛ يَسْلُبُنَا بِطَلْعَتِهِ ،
مُرِيعٌ مِثْلُ مِقْصَلَةٍ تَبُوحُ بِشَفْرَتَيْنِ وَ رَأْسِ آخِرِ خَاطِبِيهَا الخَائِبِينَ ،
مُطَرَّزٌ بِسَجِيَّةِ التَّحْلِيقِ ،
مَغْرُوسٌ بِجَيْبِ القَلْبِ كَالْذِّكْرَى ،
رَسُولِيٌّ كَوَشْمِ الدَّيْرِ ،
خَطَّافٌ يَسُوقُ مَقَاوِدَ الأَبْصَارِ ،
وَسْنَانٌ كَقَطْرٍ ضَاجَعَ الأَفْنَانَ مَبْهُورًا ؛ وَ أَغْفَى ،
وَاجِبٌ كَفَرِيضَةِ التَّقْبِيلِ ،
مَسْنُونٌ كَنَصْلِ الشَّوْقِ ،
وَثَّابٌ كَبَرْقٍ أَفْلَتَتْهُ نَزْوَةُ الإِعْصَارِ ،
مَفْتُونٌ كَعَذْرَاءٍ بُعَيْدَ القُبْلَةِ الأُولِى ،
جَرِيءٌ مِثْلُ شَلاَّلٍ يَتُوقُ لِصُنْعِ خَاتِمَةِ اِنْهِمَارِهِ ،
مُرْبِكٌ كَوَصِيَّةِ الشُّهَدَاءِ ،
إِزْمِيلٌ يُتَرْجِمُ لَوْعَةَ المَثَّالِ ،
جَوَّالٌ يَجُوبُ وَسَائِدَ اللَّذَاتِ ،
مَخْدُوعٌ كَقُرْبَانٍ يُسَاقُ لِحَتْفِهِ الأَنْكَى ،
حَفِيٌّ كَالْبَدَاوَةِ ، وَ الرِّجَالِ الطَّيِّبِينَ ،
نِكَايَةٌ كَالْمَاءِ فِي وَأْدِ التَّيَمُّمِ ،
عَابِثٌ كَمَقَالَةِ الكَفَّينِ – عِنْدِي – لِلْنُّحُورِ ،
مُشَتَّتٌ كَتَنَاثُرِ الوَاحَاتِ فِي صَدْرِ الفَلاَةِ ،
مُتَبَّلٌ بِشَرَاسَةِ النَّوْبَاتِ ،
سَيَّافٌ وَ حَدُّ الهَجْرِ سَوْرَتُهُ ،
نَقِيٌّ مِثْلُ تَعْمِيدِ الحُقُولِ بِشَهْوَةِ الأَمْطَارِ ،
سَفَّانٌ وَ كُوخُ المَوْجِ مَلْجَأُهُ ،
قَدِيمٌ كَالْخُرَافَةِ ،
ضَامِرٌ إِنْ فَارَقَتْهُ المُعْجِزَاتُ ،
مُلُوَّنٌ كَفَرَاشَةٍ تَغْفُو عَلَى كَتِفِ البَنَفْسَجِ ،
نَافِرٌ كَجَدِيلَةِ السَّبَّاقِ ،
مُخْتَالٌ كَدَأْبِ الفَاتِحِينَ ،
مُبَارَكٌ كَالأُمَّهَاتِ الرَّاقِدَاتِ عَلَى ضَرِيحِ الرَّاحِلِينَ ،
مُكَابِرٌ كَجَرِيرَةِ الآثَامِ ،
مَنْذُورٌ لِرَائِحَةِ البَخُورِ ،
مُسَيَّرٌ كَسُرُوبِ طِفْلٍ يَحْرُثُ الطُّرُقَاتِ حِينَ مَنَامِهِ ،
مُتَوَاتِرٌ كَفَضِيحَةٍ فِي الشَّرْقِ يَعْلُكُهَا الزُّنَاةُ ،
مُبَاغِتٌ كَالْوَحْيِ يَهْبِطُ وَقْتَ شَاءَ ،
مُسَالِمٌ كَتَخَثُّرِ الرِّضْوَانِ فِي شَفَةِ الرَّضِيعِ ،
مُبَعْثَرٌ كَتَزَاوُجِ الفَوْضَى بِأَغْطِيَةِ السَّرِيرِ ،
مُعَانِدٌ كَشُجَيْرَةِ اليَنْبُوتِ ،
مَرْصُوفٌ بِنَسْلِ الوِدِّ ، وَ الشَّهْقَاتِ ، وَ النَّجْوَى ،
نَدِيٌّ مِثْلُ سَانِحَةِ الجَوَادِ ،
مُسَيَّجٌ بِجَزَالَةِ الإِفْرَاطِ وَ التَّفْرِيطِ ،
مَيَّاسٌ كَطَرْفٍ مَالَ لِلْطَّرْفِ اِشْتِهَاءَ وِصَالِهِ ،
شَرِهٌ كَنَازِلَةِ الهَشِيمِ ،
مُقَيَّدٌ بِغَرِيزَةِ الأَصْفَادِ فِي أَقْصَى الصُّدُورِ ،
مُفَاجِئٌ كَنَسِيئَةٍ طُلِبَتْ عَلَى غَيْرِ اِتِّفَاقِ ،
مُكَلَّلٌ بِالْتَّاجِ وَ الدِّيبَاجِ ،
صَيَّادٌ وَ ظَبْيَتُهُ المُنَى ،
تَرِفٌ وَ نِعْمَتُهُ الهُيَامُ ،
مُهَنَّدٌ كَصَرَامَةِ البَلْوَى ،
رَضِيٌّ كَاِقْتِنَاعِ المُؤمِنِينَ ،
مُقَدَّرٌ كَالْقَمْحِ فِي خَصْرِ السَّنَابِلِ ،
سَابِغٌ - يَغْشَى الفُؤَادَ - كَرَحْمَةٍ ،
سَاهٍ وَ شِيمَتُهُ التَّأَمُّلُ ،
مُسْدَلٌ كَمَسَالِكَ الغُدْرَانِ تَرْقُبُهَا التِّلاَلُ ،
مُقَلَّدٌ بِعُرَى التَّمَائِمِ ،
سَافِرٌ يُحْصِي التَّلَهُّفَ ،
وَاسِعٌ ...
لاَ .. لَسْتُ أُدْرِكُهُ ، وَ لَنْ ؛
أَفْنَيْتُ شِعْرِيَ – تُرْجُمَانًا – كَيْ أُفَسِّرَهُ ،
وَ لَكِنَّ النَّقَائِضَ أَسْرَفَتْ .. !!
الحُبُّ :
فَيْضُ نُبُوَّةٍ ،
وَ تَنَاوشُ الأَزْهَارِ فِي مَرْمَى الشَّذَى ،
وَ تَشَرُّشُ القُبْلاَتِ تَحْتَ جُلُودِنَا ،
وَ أَقَلُّ مِنْ بُقْيَا صُرَاخٍ لَمْ تُتِحْهُ الحَنْجَرَةْ .. !!
_______________
1- الشِّعْرَى : كَوْكَبٌّ نَيِّرٌ يَطْلَعُ عِنْدَ شِدَّةِ الحَرِّ .
وَ يُقَالُ هُمَا شِعْرِيَّانِ : الشِّعْرَى العَبُورُ ، وَ الشِّعْرَى الغُمَيْصَاءُ .
وَ قَدْ كَانَتِ العَرَبُ اليَمَانِيَّةُ وَ غَيْرُهَا تَعْبُدُهَا قَبْلَ الإِسْلاَمِ .
أَيْضًا ؛ وَرَدَتْ فِي القُرْآنِ (سُورَةُ النَّجْمِ : 49) .