أَشْيَاءُ تُشْبِهُ القَلَقْ - سعد الياسري

I
أُمِّيَّةٌ ؛
مَنْ لَمْ تُحَلِّقِ عَالِيًا ,
مَنْ لَمْ تُقِمْ سُلْطَانَهَا مَا بَيْنَ أَرْضِيَ وَ القَمَرْ ,
مَنْ لَمْ تُمَارِسْ فِي الهَوَى فِقْهَ الغَوَايَةْ ,
مَنْ لَمْ تُعَوِّذْ حُبَّهَا بِتَمَائِمَ الدَّمْعِ المُقَدَّسِ كَالْمَطَرْ ,
مَنْ لَمْ تُهَمْهِمْ نَشْوَةً أَنَّ الجُنُونَ بِهَا اِنْتَصَرْ ,
مَنْ لَمْ تُأَرْجِحْ خَافِقِي بَيْنَ التَّوَدُّدِ تَارَةً ؛
وَ الهَجْرِ أُخْرَى ,
وَ العِتَابْ .. !!
II
أَثَّثْتِ عُمْرَانَ التَّوَجُّسِ دَاخِلِي ؛
بِهَوَاجِسَ قَدْ خَامَرَتْ دَنَفَ الوُعُودْ .
أَنَا مُنْذُ أَيَّامِ الجَفَافِ عَشِقْتُكِ ,
اِسْتَسْقَيْتُكِ مَطَرًا يُلَوِّنُ غُرْبَتِي ,
يَرْوِي جَدِيبَ النَّبْضِ فِي قَلَقِ الوَرِيدْ ,
فَإِذَا بِكِ لَمْ تُتْقِنِي دَوْرَ السَّحَابْ .. !!
III
هُزِّي إِلَيْكِ الحَرْفَ ؛
حَرْفَ قَصِيدَتِي ,
وَ اِسْتَبْصِرِي بِالْبَاقِيَاتِ مِنَ الهَوَى ,
بَلْ وَ اِقْذِفِي ظَنَّ السَّرِيرَةِ بِالْيَقِينْ ,
وَ تَنَاثَرِي حِينَ الجُنُونِ ..
تَبَعْثَرِي ..
وَ تَلَمْلَمِي حِينَ التَّجَلِّي ..
وَ اُكْشُفِي عَنْ كُنْهِ حُلْمٍ سَافِرٍ ,
وَ تَجَسَّدِي كَحَقِيقَةٍ ..
كَمَشِيئَةٍ لِلْحُبِّ فِي خَلْقِ اِرْتِعَاشَاتِ العِنَاقْ ,
لاَ تَعْشَقِي مِنْ خَلْفِ سِّتْرٍ أَوْ حِجَابْ .. !!
IV
إِنِّي مَلَلْتُكِ طِفْلَةً لاَ تَفْقَهُ السِّرَّ المُقَدَّسَ لِلْوِصَالْ ,
لاَ تُطْلِقُ الآهَاتِ حَرَّى نَشْوَةً ,
خَرْسَاءَ لَمْ تَقْوَ عَلَى بَعْثِ الصَّدَى ,
بُعْدًا لِعِشْقٍ لاَ يُكَسِّرُ أَضْلُعِي كَيْ يَذْرِفَ القَلْبُ الجَمُوحُ أَنِينَهُ ,
بُعْدًا لَهُ ؛
إِنْ لَمْ تُسَيِّجْهُ المُنَى ,
إِنْ لَمْ يُؤَجِّجْهُ الغِيَابْ .. !!
V
مَبْتُورَةٌ قَدَمَاهُ شِعْرٌ لَمْ يَقُلْ :
إِنَّ الهَوَى لِلْزَّاهِدِينَ مُصِيبَة ٌ ؛
إِذْ أَسْرَفُوا فِي حُبِّهِمْ حَتَّى اِنْثَنَى جَسَدُ الخَطِيئَةِ ,
وَ اِرْتَمَى فِي حِضْنِِ فَلْسَفَةٍ يُشَاغِبُهَا السُّؤَالْ :
هَلْ مِنْ إِيَابْ .. ؟!
VI
اليَوْمَ قَدْ أَتْمَمْتُ سِفْرَ نُبُوءَتِي ؛
بِحُرُوفِ طُهْرٍ لاَ يُسَاوِرُهَا النَّزَقْ ,
وَ مَضَتْ إِلَى النِّسْيَانِ كُلُّ جَهُولَةٍ :
مَا آمَنَتْ بِصَحَائِفِي ,
مَا رَتَّلَتْ حُبًّا يُناَوِشُهَا الأَرَقْ ,
مَا بَلَّلَتْ حَرْفِي المُتَيَّمَ بِالْرُّضَابْ .. !!
VII
لاَ تَحْزَنِي ؛
إِنْ شَوَّهَتْ نَصِّي اِنْكِفَاءَاتُ التَّوَجُّعِ وَ الأَلَمْ .
فَالْرُّوحُ شِعْبٌ نَابَذَتْهَا الحَرْبُ أَطْوَادٌ مِنْ الهَمِّ المُبَعْثَرِ فَوْقَ أَعْتَابِ الكََيَانْ ,
قَدْ أَرْهَقَتْهَا عَادِيَاتُ الرِّيحِ فِي عَرَضِ الحُرُوفْ ,
كَيْ تُشْعِلَ القَلَقَ المُؤَجَّلَ مُنْذُ أَزْمَانٍ خَلَتْ ,
إِذْ جَرَّعَتْهَا غُصَّةً فِي صَدْرِ نَصٍّ يَحْتَرِقْ .
لَكِنَّنِي :
آمَنْتُ أَنَّ الحُبَّ دِينٌ يُعْتَنَقْ ؛
مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَ اِرْتِيَابْ .. !!