ذَاكِرَةٌ مَلْغُومَةْ - سعد الياسري

تَوْطِئَةٌ :
أَنَّى أُوَزِّعُ فِي المَدَى صَلَوَاتِ شِعْرِيَ ؟! *
وَ اِبْتِهَالاَتُ القَصِيدَةِ أَنْبَأَتْنِيَ فِي تَرَاتِيلِ المَعَابِدِ أَنْشَدَتْ :
مِنِّي أَنَا صَوْتُ اِنْبِجَاسِ المَاءِ لَوْ شَحَّ المَطَرْ *
مِنِّي أَنَا كُلُّ اِنْثِيَالاَتِ اللَّذَائِذِ لَوْ تَمَادَتِ رَغْبَتِي
فِي خَلْقِ مَلْحَمَةٍ يُنَضِّدُهَا العِنَاقْ *
وَ لُزُوجَةُ الفَوْضَى تُرَافِقُ مِرْقَمِي حَتَّى
اِسْتَبَدَّ بِحِبْرِهِ شَغَفٌ تُمَوْسِقُهُ الخَطِيئَةُ وَ الجُنُونْ *
وَ سِدَانَةُ الأَمْوَاجِ لِي * لِي لَثْغَةُ التَّسْبِيحِ عِنْدَ الآثِمِينْ *
لِي وَفْرَةُ التَّأْوِيلِ مُرْتَابًا * وَ لِي يَومَ التَّلاَقِي
نَشْوَةُ الأَخْدَانِ إِذْ أَنْهَالُ مُنْدَسًّا إِلَى حِضْنِ الحَبِيبَةِ فِي تَرَفْ *
وَ خُصَاصَةُ الأَغْصَانِ فِي كَرْمِ النُّبُوَّةِ مَغْنَمِي *
وَ جَسَارَةُ الرَّائِي عَلَى الرُّؤْيَا *
وَ غِسْلِينُ المآثِمِ مُسْتَبِدًّا بِالْطَّهَارَةِ حِصَّتِي *
لِي لُغْمُ ذَاكِرَتِي , وَ مِقْصَلَةُ اليَقِينِ , وَ قِسْمَةٌ ضِيزَى , وَ شَكْ .. !!
I
بِبَرَاءَةٍ ؛ أَوْ فَلْنَقُلْ :
بِبَرَاعَةِ العُصْفُورِ تَجْفَلُ طِفْلَتِي .
بِفَدَاحَةٍ ؛
كَالْحُزْنِ تَنْخُرُنِي .. فَأَخْبُو .
بِجَدَارَةٍ ؛
كَالْبَحْرِ تُغْرِقُ لَذَّةَ المِجْدَافِ فِي صَخَبِ العُبَابْ ,
وَ تَلُوكُ فِي نَزَقٍ أَفَانِينَ التَّرَجِّي ..
تَرْكُلُ الأَحْلاَمَ كَيْ يَغْفُو القَلَقْ .. !!
II
قَالَتْ :
- أَكُنْتُمْ .... ؟!
ثُمَّ عَمَّ الصَّمْتُ لَمَّا أَكْمَلَتْ بَوْحًا يُؤَطِّرُهُ سُؤَالٌ .. كَمْ خَشِيتُ بِأَنْ تُعَانِدَهُ الإِجَابَةْ .
فَاِنْبَرَى نَهَمُ التَّذَكُّرِ مُفْصِحًا :
- كُنَّا إِلَى جَسَدِ التَّمَنِّي نَسْتَرِيحُ ,
وَ نَبْعَثُ الأَحْلاَمَ بِالأَشْعَارِ نَرْقُبُهَا لِكَيْ تَنْمُو فَنَنْمُو فِي مِسَاحَتِهَا ,
وَ نَنْسَى وَصْمَ وَاقِعِنَا المُلَطَّخِ بِالْكَآبَةْ .
كُنَّا نُلِوِّنُ وَجْهَ شَيْخٍ بِالْطُّفُولَةِ كَيْ نُغَنِيَ فِي المَسَاءِ بِلاَ أَنِينْ .
كُنَّا نُصَادِرُ لَهْفَةَ الصَّفْصَافِ لِلْجُرْفِ المُوَشَّى بِالْنَّخِيلِ .. وَ بِالْعَذَارَى يَسْتَبِحْنَ المَاءَ فِي عَرَضِ الفُرَاتِ لِغَسْلِ صَحْنٍ أَوْ مُمَارَسَةِ الطُّقُوسْ .
كُنَّا القَوَافِلَ .. وَ الأَدِلَّةَ وَ المَتَاعْ ,
كُنَّا الصَّحَارَى ذَاتَ تِيهْ ,
كُنَّا نُبَعْثِرُنَا إِذَا مَرَّتْ عَلَيْنَا الرِّيحُ عَاتِيَةً يُؤَجِّجُهَا الشَّغَبْ .
كُنَّا كَثِيرًا مَا نَمُرُّ عَلَى الدُرُوبِ بِشَهْوَةِ الآثَارِ نَتْبَعُنَا .
وَ كُنَّا ثُمَّ كُنَّا .. غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَكُنْ ..
إِلاَّ بَيَادِقَ رُقْعَةِ الشَطْرَنْجِ تَنْقُصُنَا المَشِيئَةْ .. !!
III
مَلْغُومَةُ الأَرْجَاءِ تِلْكَ الجُمْجُمَةْ ؛
الآنَ أَذْكُرُ جَيِّدًا :
فِي بَادِئ التَّكْوِينِ كُنْتُ ,
أَرْسَيْتُ لِلْحُبِّ الدَّعَائِمَ مُسْرِفًا فِي نَحْرِ أَمْزِجَةِ الزَّلَلْ .
بِيَدَيْنِ عَارِيَتَيْنِ إِلاَّ مِنْ غَوَايَةِ شَاعِرٍ ؛
أَثَّثْتُ رَعْشَةَ نَبْضِهَا ,
أَنْشَأْتُ خَارِطَةَ الجَسَدْ ,
أَشْعَلْتُ قِنْدِيلَ الجُنُونْ ,
وَ مَضَيْتُ أَرْكُضُ .. ثُمَّ أَرْكُضُ ..
كَانَتِ الأَحْلاَمُ أَكْبَرَ مِنْ مَدَى المَعْقُولِ وَ التَّحْقِيقِ دَوْمًا ..
كُلَّمَا آمَنْتُ أَنَ يَسِيرَهَا يَكْفِي لأَبْعَثَهُ وَطَنْ .
وَ بَقِيتُ أَجْتَرُّ الدُّعَاءَ مُتَمْتِمًا .. حَتَّى تَخَثَّرَ صَوْتُ حَنْجَرَتِي ,
تَلاَشَتْ فِي أَسَارِيرَ الحَبِيبَةِ صَرْخَتِي ,
فَفَقَأْتُ عَيْنِيَ وَ اِرْتَضَى قَلْبِي البَصِيرَةَ مَنْهَجًا ..
كَيْ لاَ أَرَانِيَ فِي عَبَثْ .. !!
خَاتِمَةٌ :
نَفِدَ التَّذَكُّرُ - وَيْلَتِي - ؛
لاَ حُلْمَ بَعْدَ اليَومِ فَاِهْنَأْ لاَئِمِي ,
لاَ مُرْتَجَى ,
لاَ مُتَّكَأْ .. !!