تقليد عبدالسلام عيون السود - سعدي يوسف

لكأنّ وجهَكِ ، يا صديقةُ ، في المتاهةِ ، وجهُ أختي
ألَقٌ له ألقٌ ، ومعنىً غيرُ معنىً ، أو كلامِ
لا بُدَّ أن أمضي ، وأن أجدَ التفرُّدَ في الزِّحامِ
ولَئنْ تعثّرتِ الخُطَى ، ونسيتُ ما مَرمى سهامي
فلأنّ ما يعني الكلامُ الآنَ قد يعنيهِ صمتي
" أنا يا صديقةُ متعَبٌ حتى العَياء فكيف أنتِ ؟
أمشي ، ولكني المُسَمّرُ ، والسّحابُ الجونُ بيتي
ماذا؟ أأهجسُ في الهجيرِ مَتالعَ الثلجِ البعيدِ ؟
هل تُولَدُ البيداءُ من كَفّيَّ، أم كفّايَ بِيْدي؟
والنهرُ هل غنّى؟ ام الماءُ المتعتعُ بالنشيدِ؟
إني انتظرتُكِ لم تجيئي، وارتجيتُكِ ...لم تَبتِّي
" أنا يا صديقةُ متعبٌ حتى العَياء ، فكيف أنتِ؟
في الطائراتِ أحومُ ، أسألُ عن مَداركِ حيثُ حُمتِ
زوّادتي بِيَدي، وملء مسدّسي الطلَقاتُ ملأى
أيظلُّ هذا الكونُ أشيبَ؟ كيف لم أعرفْه بدءا ؟
ساُهاجمُ الثُّكناتِ ، أمنحُ جُندَها خبزاً ومنأى
وأصيحُ بالمدنِ التي نامت: لأجلكِ كان صوتي
" أنا ياصديقةُ متعَبٌ حتى العياء ، فكيف أنتِ؟
في لندنَ الخضراءِ تأخذني الشوارعُ نحوَ نَبْتي
لي نخلةٌ في أولِ الدنيا ، ولي في النخلِ سعفةْ
والكأسُ ماءُ الطَّلعِ...يا ما كانتِ الأيامُ رشفةْ!
يا ما ، و يا ما ...فلتَغِمْ عيناكَ، ولْتُجْفِلْكَ رجفةْ
الليلُ يُضويني ...أنا المقطوعَ عن ولَدي وبنتي
" أنا ياصديقةُ متعبٌ حتى العياء ، فكيف أنتِ ؟
هل يستقيمُ الخَطُّ ، حتى عبرَ أنمُلةٍ ونَحْتِ؟
أم هل تدورُ دوائرُ الدنيا كما كنّا نريدُ ؟
بالأمس ِكنّا أمسِ ، أمّا اليوم فالأمسُ الجديدُ
أتقول لي عيناكِ إني في التساؤلِ أستزيدُ ؟
قسَماً بآلهةِ العراقِ لأختمَنَّ عليكِ صوتي
" أنا يا صديقةُ متعَبٌ حتى العَياء ، فكيف أنتِ ؟