تداخل - سعدي يوسف

اليومَ أوّلُ أيامِ الخريفِ . مظلاّتُ الــمقاهي خذاريفٌ تدورُ
وفي الســحائبِ اشــتــدَّ لونٌ داكنٌ . لِـمَـن الدنيا؟
لقد كــان في أشـجارها ثـمَـرٌ للجائعيـنَ ، وفـي
أوراقِــها مــطرٌ للســالكينَ دروبَ القيــظِ …
لو رجعتْ أيّــامُــهُ ، آنَ كانَ الكــونُ مُـلْـتأَماً لأهلِهِ
ومَــعاداً للــفتــوّةِ … ، يا
صـامتـاً
تجلسُ بين الناسِ ، في الـمقهى ( أو الحانــةِ ) ، عصــراً
ترقبُ الآتينَ
أو تأخذُ شــيئاً
وتـلُـفُّ الـتـبِـغَ الأســودَ ( أحببتَ فرنســا دائـماً )
ثـمّـتَ شــيءٌ غامضٌ ينبضُ إذْ تجـلسُ بيــن النـاسِ …
ـ لكنكَ لا تعرفُ في المقهى ســـوى الســاقيةِ المشغـولةِ ـ
اليومَ أوّلُ أيامِ الخريــفِ … ترى ذوائباً من مـــديدِ العشبِ
ترفعُــها ريحٌ ، وتخفــضُــها ريحٌ . وثَـمَّ خيـــــولٌ
تقتفي أثراً بينَ الـمَـعاشِـبِ ، فــي مَـرْجٍ بلا أَثَـــــرٍ .
أنصِــتْ لأنفاسِــكَ :
الأمــطارُ قادمــةٌ …
و
خائفٌ
نَـبْـضُـكَ … في الـمقهى أتى رُكّــابُ موتورسِــيكِلاتٍ .
مثلَ ما شــاهدتَ في الأفلامِ : عشــرينَ ، أقامـوا ما أقـاموا ،
وانتــهَــوا في بَــغـتةٍ .
رَعــــدٌ .
لقد أجفلَـت الخيلُ ...
وهذا
اليومَ أوّلُ أيــامِ الخريفِ . تَــنــاوَحَ النحاســيُّ والصفصافُ* .
يهطلُ كالتفّــاحِ ، أخضــرَ ، وَبْــلُ الكســـتنـــــاءِ ؛
ولا ســناجيبَ
لا طيــرٌ
ولا قططٌ …
فاليومَ أوّلُ أيـامِ الخريفِ .
أَقِــمْ ، إذاً ، في مَـهَــبِّ الريحِ
سوفَ ترى الثعالبَ
الفجرَ …
……………….
………………
………………
أنتَ ، الآنَ ، تصطحبُ ‍‍‍‍!