الموت - صباح الحكيم

الموت ما منه مفرْ
مهما يطُلْ أمَدُ السَفَرْ

اليوم أرثي والدي
نوراً بوجداني أغَرْ

و غداً سأرثي غربتي
أبكي لريحان البشَرْ

يا موت قد مزقتني
و سقيتني كأس الكدَرْ

في مَنْ أحب فجعتني
فاجأتني هذا السحَرْ

فَفقدت همسا عاطرا
وجهاً لَطيفاً كالقمَرْ

و فقدت قلباً حانياً
كم ذادَ عني كل شَرْ

يروي فؤادي بالمنى
إن خابَ خطوي أو عثَرْ

قد كان فجرا ً باسما ً
في وجهه ضحك َ المطر

آمال قلبي المبتلى
تصحو إذا حزني عبرْ

و اليوم بعدَ أفولهِ
مَنْ ذا يقي عني الضرَرْ

مَنْ ذا يكونُ يد الرضا
تحنو على دمع الوتَرْ

يأتي ليمسح دمعتي
و ينير لي درب البصَرْ

فـلمن أبثُ مشاعري
والنبض ُ في قلبي انحسَرْ

أرنو إلى درب المـُنى
والدمع من عيني انهمَر

أحكي مصائب أمتي
عن قدسنا العالي الأغَرْ

في كل ناحية ٍ صدى
والظل ُّ في جسدي انكسَرْ

ماذا تبقى يا ترى
غير التوجس و الخطرْ

كم في العراق مواجع
أدمت فؤادي فانفطَرْ

و النخل أمسى يابسا
فكفى عتابا يا بشَرْ

بغداد يا أم المنى
يا وحي شعري و العبَرْ

أوجاعها لا تنتهي
من موقفي حدّ البصَرْ

و الناس من هول الأسى
موتى على كفِ القدَرْ

آهٍ على ورد النقا
آهٍ على أغلى الدرَرْ

يا ويح قلبي كالسنا
ناموا لحلمٍ منتظَرْ

والأرض ُ فاضت بالدما
فيها المصيرُ قد انتحَرْ

يا موت ماذا تبتغي
خذني إليكَ لكي أقَرْ

قبرا يلم تعاستي
فالحلمُ ولى و اندثَرْ

يا موت ماذا ترتجي
خذني إلى ذاك الممَرْ

خذني وما أشقى الذي
يفنى اغترابا أو كدَرْ

يا موت هيا ضمني
خذني إلى دار المقَرْ