بعض من ذكرى وطن - صباح الحكيم

عندما كنت صغيرة
كان لي بيت و جارٌ و رفاقٌ مثل أوراق الشجر
و ينادون تعالي لو رأوا ظلي على كف الرصيفْ
أنحني مثل النخيل
تتهادى فوق أكتافي الجديلة
كفراشات تميل
و صدى طيرٍ
و أصوات الحفيف
في صباحاتي البعيدة
يتهادى في الهوى و الأرض تمشي في أمانٍ و امتنان
و أرى الدنيا جنان
هكذا سارت ليالينا الجميلة
نتغنى بالخميلة
في صباح و مساء
في طريق ليس فيه غير همسات العناق
و إذا الخطوات في الدرب تلاشت
في متاهات الزمان
و افترقنا و انبرى صوت الأمان
بين أوجاع العذاب
ها أنا اليوم أماري
خيبة الآمال و الحزن الكثيف
بين أهدابي ترامت
فوق صدري و على الظل النحيف
بعثرت أقدامنا
وا حسرتاه!!
و بقينا بين أطيافٍ عِذاب
و إذا الأفق تماهى ناسيا فجر الإياب
ويح عمري ضاع في درب الصعاب
و تذكرت قديما
كيف كنا نحتمي في ظلِ أحزان الشتاء
و إذا الليل تهاوى فوقنا كان الضياء
ببخور الحب يحوينا سويا
كركرات
همسات
و ابتسامات من الأحباب تعلوا فوق أشلاء الفضاء
آهٍ كم كانت مساءاتي جميلة
تغمر الأفراح عيني
و أنا انظر هاتيك النجوم
و هْي بالأفق تحوم
تحرس الأنفاس ، ساعات السحر
و يغني فوقنا ضوء القمر
و المآذنْ
- عندما الفجر أتى نحو البشر-
هتفت : الله أكبر
تلتقي كل القلوب
في رحاب الله في تلك الدروب
في الزقاقْ
في الشوارعْ
مثل زخات المطر
يا سمائي
أين شمس الحق في هذا الوعيدْ
ومتى تُمطر فينا غيمة الفجر العنيد؟