ما كنت راغبا في هذا.. - عبد الكريم العامري

عفوك، ما كنت راغباً في هذا..
وما احتفظت بنهاراتي لولاك.
أدحوها في المرآة، المرأة التي تشبهني..
تشبهني جداً.
تريني الأشياء عارية ، ممزقة...
وتلكم الرائحة،
أنفاس البارات ممتلئة..
عفوك، ما كنت راغباً في هذا..
لكني احتفظ بأنفاسي رطبة ليوم آخر..
يوم لا تخذلني فيه قدماي
ولا يعتريني الذبول..
يوم أمنح قامتي سلطة القرفصاء
وأمنحها رغبة التأرجح في الهواء.
أسلخ هذا الجلد .. أغني:
- أيهذا الغجري، ما سأمتك مذ تبادلنا الألقاب
لكن الريح عرفت طريقها اليك!
تتلقفني ألسن القوّادين
أفلت منها..
تتجول بي مدن الحلم..
أنا: كلب قافلة ضيّع مساراتها
وانزوى خلف قطيع ذئاب!
الغجري المخبوء في خاصرتي
يمهلني بعض الوقت
كي اصطاد عصافير سحنته
وأرتق قفاي ببرد الساحة..
متّعني كثيراً..
اخترته من بين مجرات لا تصلها الأنفاس
ولا يطأها الفضول..
هل كان عليّ الخوض بالوحل
وهو يراود صهريج النفايات..؟
لزج هذا الصندوق، وصناديق أخرى، تخبّأني..
الغجري يمازحني بربابته المستوردة
يحلم بالهجرة..
لكن الأرض تشدّه من خصيتيه.
ما خلقت قدماك للسكون..
طف مدن الأرض،
لك الليل الآسر فيها زالفتنة.
كل بقاع الأرض تصلح للموت..
أراك مديناً لي: بسحنتك ولياليك المتعبة
مديناً لي بطلعتك البهيّة، ووطنك المهجور،
وأغانيك:
يا وطني، يا رئتي الممزقة، يا سعالي/ رائحة التبغ..
يا وجه زوجتي العبوس
يا حزني المخبوء تحت قميص البالات
يا سنواتي البيض والسود والرمادية
يا...................!
عفوك ، ما كنت راغباً في هذا.