كوني ملاكي كما أصبحتِ شيطاني - عبدالرزاق عبدالواحد

يا يومَ عشرين خُذْ قلبي إلى ياني
وخُذْ لها الضوءَ من هُدبي وأجفاني

وقُلْ لها أنتِ أشهى من تَعَلَّقَ بي
وأنتِ أبهى دمٍ يجري بشرياني

وأنَّ ميلادَها مائي وأشرِعتي
وأنَّ ميعادَها شِعري وألحاني

وقُلْ لها في دمي بيتٌ سكنتِ بهِ
وبينَ أجفانِ عيني بيتُها الثاني

فكيف تَبعدُ عني وهيَ نبضُ دمي
وخُضرُ أيّامِها زرعي وبستاني؟

عيونُها كوكبا سعدي، وجَبهتُها
فجري، ونظّارتاها طوقُ أحزاني

ولي على فمِها موتٌ أهيمُ به
يا مَنْ يموتُ على شطآنِ مرجانِ!

وأنتَ، يا شَعرَ ياني.. يا ضجيجَ سنىً
يشاكسُ الوجهَ ألواناً بألوانِ

ويحتوي كتفيها، لا تُقاومُهُ
كما تعانقُ شمسٌ ظَهرَ بَردانِ!

وظهرُ ياني.. سلاماً يا أنوثَتَها
تغالبُ الغيمَ كُثباناً بكثبانِ!

في صدرِها نصفُ خصبِ الكونِ محتَبسٌ
والخصرُ يحملُ رَهواً نصفَهُ الثاني!

ويا أصابعَ كفَّيها.. أصافحُها
فتُسلمُ الكفَّ ثلجاً وَسْطَ نيرانِ

حتى إذا نبضتْ في راحتي يدُها
نَثَّتْ ندىً فتلوّى كلُّ حرماني!

*

ياني.. وعيدُ كِ هذا عيدُ مُعجزِتي
أني عليكِ تلاقتْ كلُّ شطآني

سبعٌ وعشرون مرآةً رأيتُ بها
دمعي، وأنبلَ أفراحي وأشجاني

غَرِقتُ في أربعٍ منها فأذهلَني
أني بهنَّ رأتْ عينايَ إنساني

رأيتُ أن حياتي لم تَضعْ عبثاً
ولم تَعَدْ كلماتي محضَ أوزانِ

ولا الهوى عاد عندي فرطَ معصيةٍ
بل صارَ عندي هواها فَرطَ إيمانِ

لكنَّ ياني.. و"لكنْ" هذه وجع
يظلُّ يحفرُ في روحي ووجداني

لأنَّها أورثَتْني غابَ أسئلةٍ
أنشَبْنَ غابَ فؤوسٍ بين جدراني

فَبَرِّئي كلماتي من هواجِسها
كوني ملاكي كما أصبحتِ شيطاني!