سأم الكاتب - عدنان الصائغ

.. كلَّ صباحٍ
كان يشقُّ خطاه التعبى
وسطَ ضجيجِ الكلماتْ
مندفعاً – دون حماسٍ – في موجِ الناسِ المندفعين،
وسربِ السياراتْ
يتأبطُ محفظةَ الأوراقِ
الى مكتبهِ المتواضعِ...
في إحدى الصحفِ اليومية
قبل الفنجانِ الأولِ...
قبل صباحِ الخيرِ..
تطالعهُ فوق الطاولةِ المملؤةِ، أكداسُ الكلماتْ:
(قصةُ حبٍ بائسةٌ...
نقدٌ لكتابٍ في النقدِ..
خمسُ قصائد شعرٍ... لمْ يفهمْ حتى اللحظة، ماذا تعني...
وحشودُ مقالاتْ...)
فَتَحَ النافذةَ الموصودةَ – من سأمٍ –
وتأمّلَ – في شغفٍ أخّاذٍ –
ضوءَ الشمسِ المتسلّلَ
... بين الأشجارِ، وفستانِ فتاةٍ فاتنةٍ تعبرُ مسرعةً
... بين عماراتٍ تعلو...، وخطى غربتهِ
وتذكّرَ سهرتَهُ المعتادةَ حتى منتصف الليلِ
مع البقِّ..،
وضوءِ المصباحِ الواني..،
وتلالِ الصفحاتْ..
- ماذا لو يركلُ هذي الطاولةَ الملعونةَ؟ ماذا...؟
ويفرُّ إلى الساحاتِ المفروشةِ
بالناسِ، وبالأزهارِ
وبالضحكاتْ
يقرأُ للأشجارِ قصائدَهُ المخبوءةَ
ماذا لو يوقفُ في ساعتهِ السأمى
موتَ الساعاتْ؟
أرخى عينيه الخائرتين..
حزيناً،
منطفئاً
وتذكّرَ أنَّ دراهمَهُ
لا تكفي... لشراء دواء أبنتهِ
لا تكفي... لعشاءٍ في أرخصِ مطعمْ
لا تكفي...!
شمّرَ ساعدَهُ..
ومضى يكتبُ.. يكتبُ.. يكتبُ.. يكتبُ.. يكتبُ
يكتبُ، يكتبُ
يكتبُ
يـ...
حتى ماتْ