فـجـاءة النـيـزك - علي ناصر كنانة

الكلماتُ العاريةُ الحدباءُ.. تـمسّدُ جدائلها بزيت الخِرْوِعِ.. وتـمضي في شوارع الدهشةِ.. تترنّمُ تساوقاً مع نقراتِ صولجان السياسـةِ على موزائيكٍ مخادع. أمقتُها: هذه الكلمات. لستُ شاعرَها ولاببغاءَ مختبئٌ في حروفي.
أنا ارتواز الكلماتِ التخرجُ للكونِ بفجاءة النيزك
***
تلك هي كلماتي !
أقطّرها مطراً
على "رماة الغيمِ" المتمردين من آل ازيرج.
استحلبُها من حجر الشكوى
في أوداجِ رمادِ العسكرةِ الحمقاءْ،
وجنونِ الخطوِ الباحثِ عن صحبٍ
كانوا بالأمسِ معي ـ
لننوحَ:
رثاءَ الخطوِ
رثاءَ البحثِ
رثاءَ الصحبِ
ورثاءَ.. شباب الكلماتِ المغبونةِ،
أنْ - قَدَراً - كلماتي
تتضاءلُ جنبي كجليدٍ مغلوبٍ
في مدن الثلجْ:
ألماً تتكسّرُ
في أضلاع الموجوعِ
تؤلّبهُ الأكواخْ:
عصفاً للطوفانِ
بكاءً للطفِّ
وماءً للطَوف:
جثةُ مَن تلكَ؟
للغربةِ أجنحةٌ لا تُحصى
لا منها ما يصلحُ للتحليقْ.
...
كلماتٌ لا تنشدُ في الأوهامِ
جلالَ المعنى..
كلماتي.. كلماتٌ أخرى..
الصيفُ المتمردُ
في الجسدِ المتمردِ
في عينِ الفتنةِ:
امرأةٌ من سومر.
...
المنفى المتآمرُ
وليالٍ بيضاءُ
وعراءٌ ثلجيٌ
يترّنحُ فوق مكائده الفرسانْ.
...
وعلى مقربةٍ من خوفو
يفترشُ الرملَ
شعراءٌ عربٌ وأعاجمُ
تحملُهم نوقُ الإصغاءِ إلى بابلَ
ودونَ كلامٍ - من أيٍّ منهم -
أشعرُ إنَّ الصمتَ القاطنَ
في لغةِ الشعراءْ..
لأتقِـنَـهُ: لغتي.
بلى.. كلماتي ذي
وذي لغتي
تبحرُ في البوحِ
ومركبُـها الصمت.
...
أمّا الردحُ العاري..
الأحدبُ..
والحرباءُ..
ونذالاتٌ تترى،
فذي لغةٌ أخرى..
أيضاً أخرى!
كلٌّ ينـزعُ نحو حصونٍ أخرى.
لكن الشوكَ العالقَ في بلعومِ بعيري
يدركُ حجمَ الهوّةِ
بين "الأخرى" و "الأخرى".
حَرَجاً
لا يومئُ
أيّاً بينهما الأحرى.
*
2 مارس 2001