ويـومٌ يعرفُـهُ الغربـاء! - علي ناصر كنانة

في هالونبيرغ
كانت المكاشفةُ الأولى.
طائرٌ حديديٌ عملاق يتأّهب للطيران
دون أن يحلّق أبداً.
معلّقاً في فضاء الرصيف
لا يغادر العراء رغم قسوة الصقيع.
كلمّا خرجتُ من محطة المترو
يراني..
فأخاتلُ كي لا أراه.
وحين أهمُّ من المنـزل:
لا مفرّ..
وجهاً لوجه.
منذ الأيام الأولى لهبوطي حاولتُ محاورته:
كان حواراً حذِراً منذ البداية
ما لبثَ أن استحالَ إلى نهايةٍ صريحة.
ورغم أنه مسالـمٌ وصامتٌ ولطيفٌ
ولا يتدّخل في شؤون أحد
إلا أنه لا يستطيع مصالحة الذاكرة
التي أضاعتْ أطيارَها الورقية
ولم تتخلّص من ذروقِ الحديدِ العمياء.
*
27 ديسمبر 1998