نتسابقُ حتى تخوم الغوايةْ - علي ناصر كنانة

(1)
النهايات لا تنتهي
والبداياتُ مقفِرةٌ كالنهايةْ..
لماذا إذاً
أبحرُ خارجَ ظلّي
والعثراتُ تستبقُ الخطواتِ
والمناحاتُ
- قبلَ الأوانِ -
تُعْوِلُ في همهمات البدايةْ؟
قبراً كبيراً سأحفرُ
- لستُ أخشاهُ –
والحياةُ
- كما عوّدتْني –
وصالحتُها..
نتسابقُ حتى تخوم الغوايةْ.
*
7/4/2006
(2)
معاً..
نحو ما يشتهي النبضُ
رافقتُ نفسي
وأطلقتُ
تحتَ أجنحةِ الوجدِ
ريحَ الرحيلْ
أفرّغُ كأساً لأملأَ أخرى
وما بينَ بحرٍ وآخرَ
أغفو قليلاً
واستحضرُ الصحوَ:
وجهَ الحياةِ الجميلْ
على مهَلٍ
أُغرِقُهُ غَزَلاً
ثمَّ أكفُّ قبيلَ الرواءِ
ولستُ البخيلْ
إنما من كثيرِ الحياةِ
تشتاقُ نفسي
إلى خفَقاتِ الكثيرِ
في لَمَعاتِ القليلْ
*
9/4/2006
(3)
كلَّ يومٍ أذكّرُها
وأعلمُ أنْ هيَ تذكرُ
بيدَ أنَّ الفجائعَ طائحةٌ
بالرؤوسِ تتدحرجُ حوليْ:
تذكّرُني أنْ أذكّرَها:
أنْ لا أرى رأسَها
تتدحرجُ مهزومةً
خلفَ خوفِ الرؤوسْ
في ميادينَ ليستْ ميادينَها
وليس الزمانْ
وأدفعُها كلَّ يومٍ
إلى نفسِها
كي تتمرأى
وتدركُ
أنْ هيَ نفسٌ
لها ألقٌ في زحامِ النفوسْ
قدرٌ وارتضَتْهُ
- بكثيرٍ من الحزنِ
والضيمِ
والزهوِ-
أن لا تكونَ أقلَ سمواً
من الشمسِ بين الشموسْ
*
9/4/2006
(4)
بالكادِ.. في شَفقِ العمرِ..
بالكادِ.. أبصرتُ أنَّ أباً
لا يرى أحداً.. إذ يراني
ليختالَ باللحظةِ الرائعةْ
بالكادِ.. رافقَني أدخلُ الصفَّ
يربتُني بالأماني
بالكادِ..
بالكادِ.. لم أبلغْ السابعةْ
ليلَ قالتْ بحزمٍ
(كيفَ أمكنَها؟):
- "قبّلْ أباكَ"..
ولم انتبهْ..
أنّها القبلةُ الفاجعةْ
أغمضَ عينيهِ
فاسوَدَّ كونٌ بعينيَّ:
أنْ لن يراني
وأن لن أراهُ..
ووحيداُ بقيتُِ
الحزنُ يجلسُ قربي
ويومئُ
نحو أبوابهِ المشْرَعةْ
إرثاً من الكبرياءِ أودعَني
وإرثاً من الفقرِ أودعَني
وإرثاً من العشقِ أودعَني
وناياتُهُ
في تجاويفِ روحي تنوحُ
أحسَبُها مودَعةْ
ومازلتُ رغم الكهولةِ
أطاولُ نفسي
لأبلغَ قامتَهُ الفارعةْ
*
9/4/2006
(5)
أقسمتُ
– سيفُ الحياةِ يميني
وأيقونةٌ للمنيّةِ كان اليسارُ-
أنْ لا أطأطأَها هذه الرأسُ
للعادياتْ
وأنْ لا أدحلبَ
كيما أنالُ مراماً
وأرفعُها
حيثما يتسامى لها المجدُ
هاماتْ
وأنْ لا أنافقَ كلباً
وأدعوهُ: "حاجَ كُلَيْبٍ"
وإنْ حاصرَني بالنباحْ
وإنْ عضّني.. أطردُهُ
بالحجاراتْ
وأنْ لا أكنّي الذي
تزوّجَ أمّيَ:
- "عمّي"..
سأهجرُها..
ومَن عاشَ.. عاشَ
ومَن ماتَ.. ماتْ
وأنْ لا أبيعَ الذي
باعَهُ الانتهازيُّ
مثلَ اللبانِ على الطرقاتْ
وأن لا أصافحَ
كفّاً ملطّخةً بدماءِ العراقْ
ولا أهادنَ سكّينِ نَذْلٍ
ولا خنجراً
يُستَّلُ في الظلماتْ
أقسمتُ..
أن أتجسّدَ لاءاً
لطالما كانتْ اللاءُ
رمزَ الكرامةِ
والكِبْرِ
والانتماءِ
إذا عزّتْ الانتماءاتْ
وفحلَ نخيلٍ أموتُ
كما اشتهي واقفاً
ولينحني الآخرونَ
أحذيةً للغزاةْ
*
10/4/2006
(6)
لم تكنْ رغبةً
أنْ أكونَ المغامرَ
حتى أكونَ المغامرْ
لم تكنْ رغبةً
أن تضيعَ السنون سدى
نذْراً..
وتوقاً
إلى ما يطولُ المدى
إنما.. أملاً
أن يظلَّ العراقُ
عَماراً وعامرْ
يلعبُ أطفالُنا
في شوارعِ سلمهِ:
زيدٌ وعمْرٌ وعيسى،
عليٌّ ويحيى وموسى،
حسينٌ ولُبنى وسامرْ
كلُّهم نشوةً يلعبونْ
الضحكُ صوتُ العيونْ
والعراقُ يسوّرهم بالقلوبِ
وإنْ تعثّرَ أحدهمْ
أنهضَهُ قائلاً: لا تغامرْ‍
*
10/4/2006