عُـدْ بنـا.. ولنـا - علي ناصر كنانة

يا أيُّها الباسقُ الفحلُ النخلِ
قسّمْ على الحاضنيكَ
من رطبِ الصيفِ عذقاً
وسارعْ إليهم بماءْ
لأنَّ مذاقَ الحلاوةِ فيكَ
- من عسلٍ -
فوقَ ما يطلبُ الاشتهاءْ
ترجّلْ قليلاً
وحيّي الأديمَ الذي...
تتكمّأُ بين أقدامِنا
نكهةُ الشهداءْ
تطَوْفَنْ على الضيمِ
- نحو موانئنا الموحشاتِ -
بالماءِ.. يا سيّدَ الماءْ
ورسّيْ سفينةَ نوحِكَ
كي تنتقينا
وأرجوكَ للمرّةِ الألفِ
أنْ تحسِنَ الانتقاءْ
فالراكبونَ مراكبَكَ الذهبيةَ
همْ ذاتُهمْ.. ذاتُهمْ..
منذُ ألفٍ وياءْ
إذا لمعتْ في يديكَ الدنانيرُ
يستقتلوا
بالقصائدِ (بل أمهّاتِ القصائدِ)
والفكرِ (بالفلسفاتِ العقيمةِ)
والرسمِ (ألوانهِ كلّها)
والرقصِ والارتماءْ!
وإنْ غرقتْ قدماكَ
(ليس سوى قدميكَ!)
شاهدتَهمْ..
كيفَ بانَ الخواءْ!
أرجـــوكَ...
فكّرْ بنا العاشقيكَ:
تخرجُ من همهماتِ الدماءْ
نُنتخى- أنتَ تعرفُنا -
في الملمّاتِ
ما لا يرى نخوةً
- مثلما نفعلُ - الانتخاءْ
نسبقُ أقدامَنا نحوكَ:
لبّيكَ...
الأرضُ ذي وطنٌ:
نيزكٌ من سماءْ
زاخرٌ بالمجاهيلِ
معلومُهُ الأوحدُ
حبٌّ بنا:
أنتَ سيّدُهُ.. والهواءْ
نسيّرُهُ
نحو أفلاكِكَ العامراتْ
بالجنونْ
تدورُ بنا.. كالظنونْ
بداياتُها كالنهاياتْ
والعابرونْ
أهلٌ لنا.. والسباتْ
كالقذى في العيونْ..
والجهاتْ
كالطحالبِ من حزنِها
طيَّ أردانِنا عالقاتْ
والجمرُ أشواقُهُ غيمةٌ
فوقَ صدرِ الحياةْ
...
التحفْنا..
هو العريُ يلحِفُ عرياً
على طبقاتِ الجليدِ
أو طبقاتِ الرمالْ
وانتشلْنا من الضيمِ
أصابعُنا: آخرُ النبضِ
تومئُ بالشَهقاتِ الأخيرةْ
وانفخْ بنا من نسيمكِ
تحتَ أجنحةِ القبّراتِ
خطوَ المسيرةْ
إلى حيثُ
نحنُ هنا..
وأنتَ هنا
إيّاكَ أن تلتفتْ
لنداءِ العشيرةْ
....
التفتْ نحوكَ
نحنُ هناكَ
في روحِكَ
فتّشْ.. ترَ..
نخرجُ
من جرحِكَ
...
السنابلُ عاداتُنا والنخيلْ
قاماتُنا والهديلْ
يمامٌ
يفتّشُ عن عبقٍ
أو غمامٍ
يطهّرُ أرواحَنا
من صديدِ الفراقْ
يا أيُّها الباسقُ الفحلُ النخلِ:
بستانُكَ الانعتاقْ
عدْ بنا.. ولنا..
بيننا.. حولَنا..
أرضَنا.. سقفَنا..
تمرَنا..
وطناً مشتهى..
بالفراتينِ والشاربينْ
بالسعداءِ والغاضبينْ
جنّةً تُزدهى
بالجسورِ والعابرينْ
بالكرخِ والكاظميِّينْ
بالرصافةِ والأعظميِّينْ
بجموعٍ من العاشقينْ
وعيونِ المها
كنْ لنا وحدَنا:
أبانا العظيمَ
أو ابنَنا
وواللهِ في الحالتينْ
نعلّيكَ سيّدَنا.
*
12/2/2005 الدوحة