من الدكتاتور إلى الأمريكاتور. - علي ناصر كنانة

من الدكتاتور إلى الأمريكاتور..
هذه الأرضُ تتلاطمُ
بالدماءِ وأشباح المجهول..
العنقُ يبحثُ عن زهرتهِ..
والرياحُ تطوّحُ السنبلة..
ولا عصفور يمارسُ ألفتَهُ
عند عتبةِ الباب..
نفط! مجرّد نفط!..
ورصاصٌ
يتبخترُ على جثث القتلى..
الدكتاتور
(يبكي مثل النساءِ مُلْكاً مُضاعاً /
لم يحافظْ عليه مثل الرجالِ)
ويستنجدُ بجسدِ الضحية..
والأمريكاتور
يستبيحُ جسدَ التاريخ
ويسوقُ خرافاً
لم نسمع ثغاءها من قبل.
الديناصورات
تنبعثُ على أنقاضِ "البعث"..
والمغارضون
يتبارون على طاولة الأغراض..
والوطن أوطان!
*
أين أذهبُ بكِ أيتها الروح
المدجّلةُ بدجلةَ،
المفرّتةُ بالفراتِ،
المشطّطةُ بشطِّ العربْ،
وقبل الكلام:
المعرّقةُ بهذا العراقِ الذي
كلّما قاربتُهُ نأى.
آآآآآآآآخ!! (يا يُمّه!).
أقدام الغزاة تكسرُ ظهري
وأنا أكتمُ الصرخةَ في ثنايا القصيدة.
أيةُ قصيدة؟!
مهزوماً لا أنتصرُ على شيءْ..
سيوفي طمرَها الصدأ..
وخيولي تجرّ العربات..
وقومي يتعاركون مع أقدارهم:
من الدكتاتور إلى الأمريكاتور!
لا رسالةَ تصل!
والمختلفون يختلفون حول حصصهم!
وأنتَ وأنا – بوصلتُنا العراق –
لا نريد حصةً بل وطناً
بلا طغاة ولا غزاة..
وطناً ننامُ فيه
دون أن نستيقظَ على جثثنا..
وطناً فيروزيَ الصباحات..
نعملُ في مؤسساتِهِ
بلا أحزاب ولا عشائر..
وفي باصٍ ذي طابقين
نعودُ ظهراً إلى منازلنا ..
يتحلّقُ أبناؤنا بانتظارنا
حولَ مائدة الطعام:
البسملةُ لقمتُنا الأولى
والحمدُ لقمتُنا الأخيرةْ.
وبعد قيلولةٍ تحت فيءِ الطمأنينةِ
نحتسي شاياً
ما فتئَ طعمُهُ لزجاً في الحلوق.
وعصراً نتمشّى متزاحمين
في شارع السعدون..
ومساءً نلوذُ بهمساتنا
في شارع أبي نؤاس..
وبعد منتصف الليل
تلومُنا زوجاتُنا على التأخير..
وفجراً تتصايحُ الديكة..
ويصلّي المصلّون..
ومثلَ كلِّ الصباحاتِ
نستمعُ إلى فيروز
في السابعة والربع..
ونسارع إلى دوائرنا
لنشتغل في رحاب العراق الجميل.
*
2004