أنفُ بينوكيو - ليث الصندوق

نُفرِطُ من كَذِبٍ حين كنا صغاراً
فلا تتبدّلُ بعضُ ملامِحِنا
فماذا تغيّرَ حينَ كبرنا ؟
ينفّخنا الكذبُ مثلَ الفقاعة
وتحتقن الأوجُهُ الشاحباتُ
ومن خجلةٍ تستطيلُ الأنوف
كأنّ أياديَ للشمس تخرج من فتحات مناخيرنا
* * *
وبالرغم من ضربات المطارق فوق مناكبنا
ولكننا ما غطسنا بقاماتنا
تحتَ دَوس ِالخِفاف
بقينا نجرّرُ من خلفنا كالذئاب الجريحةِ أشلاءَنا
وأحداقنا تتأرجح
مثلَ الفوانيس في الأعمدة
فلو أكرهونا على الإمتثال أمام الذين
أخاطوا حلاقيمنا بالإبر
سنفتحُها بالكَلاليب
كيما نحرّر من سجن أسنانِنا البَسَمَات
سنضحك ضحكاً هو القيءُ
لكنه من صهير الحديد
فتفجؤنا - وهيَ تثقبُ مثلَ البريمة - تلك الأنوفُ
جدارَ ابتساماتِنا الباكياتِ
* * *
وإذ تتكسّر من شدّة البرد أرواحنا
ويسترُنا بَدَلَ الخِرَق البالياتِ الجليدُ
نقول لمن سلخوا جلدَنا ليخيطوا معاطفهم :
إنّ راحاتِكم مَنحتنا من الدفءِ أغطية ً، وخياما
وفوق الجليد الذي سوف يدفننا
تبينُ أنوفٌ لنا رُكِزت مثل راية
* * *
... وفوق المضامير حين ركضنا
نسابق خيلَ الرياح
فلم يتقدّم علينا سواهُ لهاثُ قلوب ٍ
تكادُ تَقافزُ من تحت أضلعنا لتصيرَ لنا قدمين
وبالرغم من اننا أولُ الواصلين لخط النهاية
لكنّ كأسَ البطولة صارَ إلى الكُسحاء
والحاملين كروشهمو فوقَ أكتافهم في سِلال
نعم ، هكذا قد سكبنا كؤوسَ انتصاراتهم
فوق نار مرارتنا
ربتنا عليهم
نهنّيء في ضعفهم حقهم بالغِلابِ
ومن خلف أهدابنا النادياتِ ضحِكنا لمن غلبونا
ضحِكنا
وقد خرجتتْ من بحيرة أدمعنا
مثلَ كفّ الغريق الأنوف
* * *
ولم نشتَكِ البَردَ
ما دامَ أسيادُنا في دِثار
فليس لنا بعد ما قد جرعنا من المُرّ
غيرُ الدُعاء :
إلهيَ على حِملنا زِدْ جبالاً حديدا
إلهيَ كثّفْ عَصِيرَ الظلام ليصبحَ قاراً
إلهيْ أدِمْ نعمة َالعُري كلّّ المواسم قيض
ومن تحت أبخرةِ الدعواتِ
التي تتَصَاعدُ من جوفنا
تطلّ لنا غابة ٌمن أنوف
.
أذار - 1999