بانوراما - ليث الصندوق

من نصب الحرية
سقطت بعض القطع الفنية
لم يرفعها أحدٌ
لم تُفتضّ خفايا البسمات المغموسة بالغسلين
داسَ عليها الباعةُ
والشرطة
والملفوفين بأثواب رجال الدين
* * *
لم يتلفت أحدٌ لأنين المعدن
يصعد من أفواه المغدورين
لم توقف أجسادُ المارّة
زحف القاطرة – السكين
لم يُشعل أحدٌ
برميل البارود بألواح النصب
كان حمام الساحة
يتخذ شعور النسوة أعشاشاً
والصبحُ يعلق في واجهة الحانات
ثياب المذبوحين
مرّ العمّال يجرون وراءهمو أقداماً ميتة
مرّ الجرحى يجرّون بأكياس ٍأكوامَ شرايين
كانت حافلة الركاب المنفوخة
تنفث عبر أنابيب عوادمها
أنّآتِ المحرومين
* * *
من نصب الحرية
سقطت بعض القطع الفنية
لم يُرجعها أحدٌ للإفريز
أو يمسح بالهُدب الطين
كانت مثل الثلج تموعُ
والفجر الخجلان يمرّ بها
فيقول : وداعاً
لن أترجّلَ في الباب الشرقيّ ( * )
ما دامت حتى أمطاري
في قائمة المطلوبين
مرّتْ دوريات الأمن
تصيدُ بنظرات الأحقاد
شباباً هربوا من جبهات المنسيين
تركوا المدفع يعطس تحت الشمس
وجاءوا
ينتشلون الكُسرة من فكّ التنين
كانت أمنيتي
أنْ تهرب أيضاً لوحات النصب
أو أنْ تُحقن تحت الجلدة مثل عقار الأنسولين
لم أكُ أمُلُ
أن تسّاقط من جسد الوطن المقتول كورقة تين
___________
1989
__________________________________
( * ) أكبر ميادين بغداد وفيه نصب الحرية للفنان الخالد جواد سليم