الوصيّة - ليث الصندوق

جدّي الذي قد عادَ بعدَ الموت يسكُنُ بيتنا
قالتْ وصيّتُهُ :
(هو المستقبلُ الضيفُ الذي يأتي وأنتم غافلون
فلتفتحوا أبوابَكم
كي لا يفِرّ من الجحور)
لكنّ جدّي ماتَ ألآفاً من المرّات
في إثرها طُرّاً أنا لمّا أجدْ ضَيفي الغريبَ مع التّريكة
نقّبتُ لكن لم تكن له بصمة ٌفي غبرة الآثاث
قلّبتُ في (الألبوم)
لم أعثرْ لضحكتِهِ على أنياب
* * *
من أيّ بابٍ سوف يدخلُ بيتنا اللصّّ الجميلُ ؟
بالنظرة الوسنى تُذيبُ عن المزاليج الجليد
بسلالِهِ
وثماره ِ
بقناعِهِ الملصوق ِخلفَ رؤوسِنا
من أيّ نافذة إذن سيجيئُنا ؟
حيطاننا مملوطة ٌبغِراء
جيراننا ألقوا إلى التنور أنفسهم
هروباً من طواحين السيول
ووراءَ باب البيت
تأكلُ بعضها البعض الوحوش
* * *
يا أهلنا المترقبين على المزابل زَخّة ًمن تِبر
لا تنطروا اللصّ الجميل
أيامُنا السوداءُ لا تَبْيَضّ بالصابون
لا تبحثوا عن ذلك المستقبلِ الضيفِ
الذي يأتي وأنتم غافلون
لا تبحثوا عنهُ
فما أدراكمو ما في حقائبِهِ
من الأشباح تنفثُ من أصابعها الوباء
لا تبحثوا عنه
فما أدراكمو ما في معاطفِهِ
من السُحُبِ المليئةِ بالدِماء
لا تبحثوا عن موتكم
لا تبحثوا عن موتكم
ودعوه يفجَؤكم
وأنتم نائمون
.
1994