ذكريات حجرية - ليث فائز الايوبي

عادة ... ما اعود لجدران زنزانتي
استعيد صدى ذكرياتي هناك
خطى الحارس الصارم المتلفع
بالمعطف العسكري السميك
وشاربه المتهدل
نظرته بجمود الى سحنتي
وهو يرمقني عابسا خلف قضبان قبوي
صدى قدميه المروعتين
وضوضاء اخمص رشاشه المتلاطم بالارض
عند استدارته في ظلام الممر
امام وميض اظافرنا
وهي تنبش بحثا عن الشمس بين الرماد
لعاب الشفاه امام تجاعيد تفاحة
يخرج الدود منها على مضض
لأداء تمارينه في الصباح
اعود لجدران زنزانتي
.. استعيد صدى ذكرياتي
انامل مرمية كالغبار على الارض .. جاثمة
بعد تعذيب صاحبها .. وانتزاع اعترافاته
لشخير الحمير على التل
عتمة قلبي.. لنافذة تتنهد لصق النجوم
لأكفان اشباحها في الظلام .. لمروحة تتدلى من السقف مشنوقة
لنزاع الطيور على حبة القمح تحت حفيف السماء
مشاجرة السجناء امام المراحيض
ايدي اللصوص وهم يجرفون ذقون النجوم
على مهل .. تتحسس كالحشرات جيوب النيام
لسلب سجائرهم وانتزاع محافظهم باحتراس
... اعود لجدران زنزانتي
اوجه السجناء مصفحة
تسترد صدى نظراتي عليها
وهم كالتماثيل في متحف
ينزوون لتنظيف ما بددوا من صحون
امام مياه نحاسية
تتدفق جارية من أنابيبها !