سبحان من خلق الرجال - محمد مهدي الجواهري

يا للرفاقِ لموطن لجّوا به
حتى ازدرى اخلاقه فتخلقا

فإذا نزت همجٌ الى طمع نزا
اوصَفّقَتْ فيه قرودٌ صفقا

ترك القريبَ من الصلاح ففاته
ورجا البعيدَ من الظنون فأخفقا

دبّت عقاربه الى جيرانه
اوما ترى بغداد أعدت جِلَّقا

أهل الخورنق والسدير ولو سعوا
رفعوا سديراً ثانياً وخورنقا

سبحان من خلق الرجالَ فلم يجدْ
رجلاً يحق لموطن أن يُخلقا

ما إن يزالُ مرَّشحاً لأُموره
متجبراً أو طامعاً أو أحمقا

وطني وداؤك أنفسٌ مملوءة
جَشَعاً فمن لي أن تُبِلَّ وُتفرقِا

بلوى الشعوب مخادعون إذا ادَّعوا
للنصح كذَّبتِ الفِعالُ المنطقا

الآن يلتمسون فكّ وَثاقه
من بعد ما نزل البلاء وأحدقا

وطني ومن لك ان تعود فترتقي
من بعد ما أعيا وعزّ المرتقى

ما إن ترى عينٌ لصبْحِك مَصْبحاً
للعاشقين ولا كليلِك مَغْبقا

زَهَرْت رياضك واجَتليتَ محَّلثاً
وصفت مياهك واحْتسيْتَ مرنقا

أفتلك دجلةُ بالنعيم مرفرفاً
تجري وبالعذب الزلال مصَّفقا

باتت تدفقها الرياح وإنما
ضاقت مسايلُ مائها فتدفقا

وبكت لواردها أسىً وكأنها
أمست تصعِّد منه صدراً ضيِّقاً

أقضى مرامِك أن تَفيضَ فتشتكى
ظمأ ربوعُك او تفيض فتغرقا

لو يعلم الشجرُ الذي أنبتَّهُ
ما حل فيك منَ الأذى ما أورقا

رَجَعت خلاءً كفُّهم بك ثرةً
وَرَجعت انت أبا الخزائن مُملِقا

اشفقت مما قد مُلكت قساوةً
ان لا ترِقَّ اذا ملكتَ فتُشفقا

مالي وطارقةُ الخطوب اذا دهت
فلكم سألت الله ان لا تُطرقا

عزم الرجال اذا تناهى حدهُّ
مثلُ الكِمام اذا استوى فتفتقا

مَثَلٌ جرى فيما مضى لمحنكٍ
من " يعرب " رام السداد فَوُفِّقا

أعيا به جمع العِصي فلم يُطِق
تحطيم َوحدتهنَّ حتى فرَّقا

أهدى لكم ، لو تقتفون سبيله ،
مَثَلاً به كان السبيلَ الى البقا