عُدنا وقوداً... - محمد مهدي الجواهري

ولَّى شبابٌ فهلْ يعودُ
ولاحَ شَيْبٌ فما يُريدُ ؟

يُريد أنْ يُنقِصَ الليالي
مِنّيَ ظُلماً بما يَزيد

يا أبيضَ الريشِ طرْنَ منه
غِدفانُ رِيش الجَناحِ سُود

يا هُولةً تَفزَعُ المرايا
مِنه ويستصرخُ الوليد!

يا حاملاً شارةِ الرَّزايا
يا ساعيَ الموتِ ، يا بَريدَ !

يا ناغِزَ الجُرحِ لا يُداوي
إلاَّ بأنْ يُقطعَ الوريد

برغمِ أنفِ الصِّبا وأنفي
يَخضِبُ فَودي منكَ الصديد

وأنَّ رأسي يمشي عليهِ
تِيهاً عَدُوٌّ لهُ لَدود!

كمْ ليلةٍ خوفَ أنْ تُواتي
أُترِعَ كأسٌ ورنَّ عُود

وكمْ وكمْ ، والشَّباب يَدري
رُوَِّعَ ظبيٌ فَنُصَّ جيد

أعائدٌ للشَّبابِ عيدُ ؟
أمْ راجعٌ عهدهُ السَّعيد؟

أيَّامَ شرخُ الصِّبا وريقٌ
وظِلّهُ سجسجٌ مَديد

ونحنُ ، مِثْلَ الجُمانِ زهواً ،
ينظِمُنا عِقدُهُ الفريد

أمْ لا تلاقٍ ، فلا خطوطٌ
تُدني بعيداً ، ولا حُدود؟!

مَنْ مُبلِغُ المُشتفينَ أنَّا
صِرنا لمِا يَطمحُ الحسودُ ؟

أنَّا استعَضْنا ثوباً بثوبٍ
وطالما استُبْدلَتْ بُرود

فراحَ ذاكَ العتيقُ غَضّاً
ولاحَ – رَثّاً – هذا الجديد

ألوى بنا عاطفٌ حبيبٌ
ومَلَّنا الواصِلُ الودود

قد كان يُشجي أهلَ التَّصابي
أنَّا على هامهِم ْ قُعود

لم ندرِ ما نَسْتزيدُ منهُ
لو قيلَ : هلْ عندَهُم مَزيد؟

نهارُنا مُترَفٌ بَليدُ
وليلُنا جامِحٌ عَنيد

فاليومَ إنْ تُعتصَرْ شِفاهٌ
أو تعتصَرْ – لَدْنَةً – قُدود

أو يطََّرِدْ قانِصٌ قَنيصاً
أو تُعْجبِ الأغيدِينَ غِيد

نقنعُ مِن لذَّةٍ ولهوٍ
أنَّا على عُرْسِهمْ شُهود

عُدنا وَقوداً ..! وكُلُّ حيٍّ ،
للذَّة تُشتهى وَقود!