أمين الريحاني - محمد مهدي الجواهري

لمنِ المحافلُ جمّة الوُفّادِ
جَلَّ المَقام بها عن الانشادِ

مَنْ زان صدرَ المجلس الأعلى وقد
طفح الجلال بحيثُ فاض النادي

مِن صاحبُ السِّمة التي دَّلت على
أدب الحضارة في جمال البادي

يا نجلِ " سوريا " وتلك مزية
شهِدت بها بمهارة الأولاد

في كل يوم للمحافل رنةٌ
لك من نيويوركٍ إلى بغداد

ما قدرُ هذا الاحتفالِ وإنما
كلُ الزمان محافلٌ ونوادي

تَعْدادُ مجد المرء منقصة إذا
فاقت مزاياه عن التَّعْداد

يا كاشف الآثار زور أهلها
وكفت بذوُرك عندهم من زاد

رُحماكِ بالامم الضَّعاف هوت بها
إحنٌ ، فَمُدَّ لها يدُ الأسعاد

وأشفق على تلك الجوانح إنها
حُنيت أضالعُها على الأحقاد

وَّجدْ بدعوتك القبائل تهتدي
عن غَيِّها ولكل شعب هادي

إقرأ على " مصر " السلامَ وقل لها
حَيَّتْ رباكِ روائحٌ وغوادي

لا توحشي دارَ الرشيد فانها
وقفٌ على الإبراق والإرعاد

وتصافحي بيد الاخاء فهذه
كفُّ العراق تمُدُ حبل وداد

لا تْرهَبَنَّكِ قسوةٌٌ من غاصبٍ
عاتٍ فان الحق بالمرصاد

لا تَخْدعَنَّك حِليةٌ موهومة
ما أشبه الأطواقَ بالأقياد

ما أنصفوا التاريخ وهو صحائف
بيض نواصع لفعت بسواد

أمثقِفَ القلم الذي آلى على
أن ليس ترجَحُ كفهُ استعباد

ومشَّيداً ركناً يلتجى
منه بأمنعِ ذمة وعماد

أنصِفْ شكية شاعر قد حَّلقت
بالصبر منه فظائع الأنكاد

إني سمعت ، وما سمعت بمثله ،
نبأً يرن على مدى الآماد

سورية أمُّ النوابغ تغتذي
هدفَ العداة فريسةَ الأوغاد

تُّضحي على البلوى كما تُمسي وقد
خَفَت الزئيرُ فريسةَ الآساد

لم تكفِها الظُّلَمَ التي
غَشيتْ ولم تَهمُمْ بقدح زناد

أكذا يكون على الوداد جزاؤها
أم لست من ابنائها الأمجاد

حنَّت إليك مرابعٌ فارقتها
لو أن بُعداً هز قلبَ جماد

حدث عن الدنيا الجديدة إنها
أم الشعوب حديثة الميلاد

ماذا تقول غداً إذا بك حدَّقت
خُوْصُ العيون بمحضر الأشهاد

وتساءل الاقوامُ عنّا هل نما
فينا الشعور وما غناء الحادي

وتعجَّبوا من مهبِط الوحي الذي
سمِعوا وليس سوى قرارةِ وادي

وعلمت ما في الدار غيرُ تشاجر
وتطاحن ومذلة وفساد

أتذيع سرّ حضارةٍ ان غُيبَّت
منها السرائر فالرسوم بوادي

" كل المصائب قد تمر على الفتى
فتهون غير شماتة الحُسّاد"

قل إن سُئلتَ عن الجزيرة مُفصحاً
ما أشبهَ الأحفادَ بالأجداد

ما حُوِّلت تلك الخيامُ ولا عَدَتْ
فينا على تلك الطباع عوادي

نارُ القِرى مرفوعةٌ وبجنبها
نارُ الوغى مشبوبةُ الايقاد

أبقيةَ السلف الكريم عجيبةٌ
ما غيرتكِ طوارئ الآباد

ما لوَّثَتْ منك الحقائبُ مسحة
موروثةً لك قبلَ أعصر عاد

ما للحوادث فاجأتكِ كأنها
كانت على وعد من الأوعاد

نام " الرشيد " عن العراق وما درى
عن مصره فرعون ذو الأوتاد

حالت عن العهد البلاد كأنها
لبست لفقدِهُمُ ثياب حِداد

واستوحشت عرصاتُها ولقد تُرى
دارَ الُوفادة كعبة الوُفاد

إذ مُلْكُها غض الشباب ، وروُضها
زاهي الطراز ، مفوف الأبراد

وعلى الحِمى للوافدينَ تطلع
بتعاقب الاصدار والايراد

أغرى بها الاعداءَ صيقلُ حسنها
وجنت عليها نَضْرةُ المرتاد

فتساندوا بعد اختلاف مطامع
أن لا يقيمَ الشرقَ أيَّ سناد

وإذا أردتَعلى الحياة دلائلا
لم تلق مثلَ تآلف الأضّداد

إن هزكمْ هذا الشعورُ فطالما
لانَ الحديدُ بضربة الحداد

او تنكروا مني حماسة شاعر
فالقومُ قومي والبلاد بلادي

عَجِلَتْ على وطني الخطوبُ فحتَّمت
ان لا يقَرَّ وسادهُ ووسادي