الشاعر والعود - محمد مهدي الجواهري

ما سَمِع السامعونَ آسى
من شاعرٍ ضَيمَ في العراقِ

ألوى على عوده شَجيّاً
يبُثُه فَرْطَ ما يُلاقي

إذا بكى ارتدَّ يبكي
شَجْواً لألحانه الرِقاق

في ذمةِ الله ما تُلاقي
يا عودُ منّي وما أُلاقي

روحانِ مني ومنكَ باتا
من وَطأة الهمِّ في الترَاقي

ما ضاق منك الخِناقُ يوماً
لو نفَّسَ الدهرُ عن خِناقي

يا دهرُ خُذني واحلُلْ وَثاقاً
أرهَقَ عُودي واحلُلْ وَثاقي

أو لا فحِّولْ أنّةَ أسري
عنه إلى نغمةِ انطلاق

فَغَمْغَمَ العودُ واستجاشَت
أشجانُهُ خطرةً الفِراق

اِسْلَمْ رفيقَ الصِّبا ، ألوفٌ
تفدِّيك مثلي وأنتَ باق

قبلكَ واسيتَ ألفَ شاكٍ
والفَ حاسٍ وألفَ ساق

من فضلِ ما أوحت الرزايا
إليَّ مُيِّزت عن رفاقي

أقول لما انبرتْ غُصونٌ
أعوادَها تبتَغي لَحاقي

أحْملْنَ مثل الذي أُلاقي
من اصطباحي أو اغتباقي

طارِحنَ مثلي أخا شجونٍ
شاركنَ مثلي اخا اشتياق

ربَّ نهارٍ كنتُنَّ فيه
جنباً إلى جنب في اعتناق

قضيته جنبَ ذي شجونٍ
أخافُ من بثِّه احتراقي

وربَّ ليلٍ سهِرتُ فيه
أشدو حزيناً مع السواقي

اصبْر قليلاً يا عودُ إنّا
عما قريبٍ إلى افتراق

حملتَ عني ماضي همُومي
فاحمل قليلاً من البواقي

وَلَّى شبابي إّلا بقايا
ضحيةَ القلب والمآقي

والنفسُ تأبى إّلا انطلاقاً
والدهرُ يأبى إّلا ارتهاقي

والحزنُ لم يدخر صُباباً
يُبقه في كأسِه الدِهاق

اَلانِطفائي كان اشتعالي
اَلاحِتراقي كانَ ائتلاقي

وحين جاء الظلامُ يُرخي
سِتراً على الأوجه الصِّفاق

ورفَّ روحُ السلامِ يُخفي
غريزةَ الحِقْدِ والنِفاق

باتَ بطيّاته فؤادٌ
يشكُرُ لُطفَ الموت الذعاق

وجنبَه عودُهُ يُناغي
حَشرجةَ الصدرِ في السياق

الى التلاقي " عودي" وداعاً
وكيف بعدَ الموتِ التلاقي

اقرأْ سلامي على الرزايا
أعني سلامي على الرفاق

ذاك أديبٌ مات اضطهاداً
ذاك هو الشاعرُ العراقي