في اربعين السعدون - محمد مهدي الجواهري

سَلوا الجماهيرَ التي تَبصرونْ
ماذا أتاحتْ لكُمُ الاربعونْ

تخبركُم حرقةُ انفاسِهم
كيف – تقضَّت – وانتفاخُ العيون

سَلوهُمُ ما بالُكُمْ كلَّما
عنَتْ لكم خاطرةٌ تنحَبون

أكلُ شيٍْ موجبٌ للبكا
أكلُّ شيء باعثٌ للشجون

ريعتْ قلوبٌ واستضيمتْ جفون
واحتقروا أعزَّ ما يملكون

راضونَ ممتَّنون عن حالةٍ
لا يرتضيها مَن به يحتفون

يبكون للشعرِ ولا يعرفون
وللخطاباتِ ولا يسمعون

ما رقة الأشعارِ أبكتهُمُ
لكنهم بالقلب يستعبِرون

مكدودةٌ أنفسهُمْ حسرةً
وبالبكاء المرِّ يستروَحون

وهكذا الدمع بريئاً يُرى
وهكذا الحزنُ بليغاً يكون

أبكى وأشجى لوحةً أحكمت
تصويرَها كفُّ الزمانِ الخؤون

مَغنىً على دجلة مستشرفٌ
دامعة ترتدُّ عنه العيون

احتلَّت الوحشةُ أطرافَه
ورفرفَ الحزنُ به والسكون

أخلاه فرطُ العزَّ من ربِّه
والعزُّ باب مُشرَعٌ للمنون

أقولُ للقوم الغَيارى وقد
أعوزَهُم كيفَ به يحتفون

أحسن من كلِّ اقتراحاتِكم
مما تشيدون وما تنحِتون

قارورة يُحفَظ فيها دم
يعرفه الخائنُ والمخلصون

يلقَى بها تشجيعةً مخلصٌ
وعبرة مخجلة مَن يخون

مِيتةُ هذا الشهم قد بيَّنتْ
للقوم أنا غيرُ ما يدَّعون

وأننا ناسٌ أباةٌ متى
نُرهق فمضطرُّون لا مُرتَضون

وأننا بالرُغم من صبرِنا
إن حانت الفرصةُ مستغنِمون

انتبهوا لا الحزنُ يُجديكُمُ
شيئاً ولا استنزافُ هذي الشؤون

هاتوا بما نبني دليلاً على
أنا على آثاره مقتفون