بحار البحارين -1 - مظفر النواب

ملك العمق ...
أزور نجوم البحر.. أُزوِّجُها بنجوم الليل
أطيل لدى موضع أسرار الخلق زياراتي..
وتفتح قلبي في الماء بكل المسك
وأرسلت يديّ إلى الأعشاب المسكونة
فالتصق الشبق الوردي لماء الليل عليها
واختمرت لغةٌ وتنفس فيّ الأيل
ما أوقح لذته
يبني بغزالاتٍ أربعةٍ....
ينزع عنهن ثيابا ربيعين...
تعبت.... تعبت.... تعبت....
قلبي مبتهج تَعِبٌ
يا مثقل بالمنزلقات
ونون النسوة قد وضعت نقطتها في ليلك فانوساً
هاك تلألأ
وأعد للنسوة نقطتهن
تلألأت لهذي الساعة لئلاءً حسناً
وحروف العشق على شفتي السفلى نائمةٌ
أخذتني الموجة من ثوب عقوقي
مسحت زهر الرمان وأبقته حزيناً
في الماء البارد خاض الطفل بلا صندله
يا موجة ... أركض...أركض
بين المرجان وبين الحزن دخلنا مرحلة الأبواب
صدمت قدمي بالباب الأبنوس مصادفة
فطرقتُ
من الطارقُ؟
ليس لديك جوابُ
أنت تذوب بصوتك
تطرق بابا أخرى من ذات الخشب المدلوك
بجذب لا تعرفه
من أنت..؟ تعلّم أسلوب الطرق وعد
تعلّم من أنت
تثاءبَ حرفٌ لا أعرف قدرته
لقّح ناقات الليل وراءات أبي صخر الهذلي تنام
صرفتني أم الأبواب وما عرفت قلبي فعلا
لا يتصرف إطلاقا
من أنت...وما قصة روحك؟
ماذا في الدنيا المألوفة والأيام فقدتَ
ومن جئتَ تزورُ
أنا...أخذتني اللعثمة الحلوة...
قلبي كالعشب قدام المنجل
روحي خائفة خوفا مرتفعا
قدمي حزن الأسفار عليها ليس يجف
وحزب المخصيين يطاردني
ابحث يا من تبحث عن باب أخرى
يورق في الرفض قبولي
وأحكمت الأبواب الآلهة المسئولة عنها
وضعوا شيئا خلف الأبواب كذلك
أرسلت يدي إلى الأعشاب المسكونة
فالتصق الشبق الوردي لماء الليل عليها
اياك وأنت قليل الخبرة
إن الطرق يزيد الباب المجهولة أبوابا
ومفاتيحك من لغة تغلق ما تفتحه
وتصد كما المرأة عند الماء
لمن لا يدخل بين حروف مباهجها
ونظنك من أهل الحدس
فما تتهجى جسد المحبوب
بل اقرأ قاطبةً
تلك بنفسجة
تلك كما الزبد الليلي تذوب أنوثتها
فيمن مدّ يديه بمعرفة عرف العمق
وزكّى الهمزة بالبخور ثلاثاً
حتى طرد السحر وأطلق عقدتها
بين أصابعه ينمو الصبح وكمّون العشق
وتكشف نسمة صبح فخذيها
آه...
وتدوس على ريحانه روحك
آه...
آه...للوجع الطيب
يا نسمة.. يا بالغة العفة
من أين دفعت الباب على العاشق
فالقمرة نائمة والعاشق أثمله التفكير الخاسر
والنجمة تستأذن أن تدخل بعد هزيعين اثنين
فما أذن البحار العاشق
فالنجمة تحمل فاكهة
قال المعتكف البحار
أنا ما ذقت سوى طرف النهد
وصمت عن المشتهيات
رضعت العنبر من صدر العشق
وأمسكت بحلمتها الوردية في الليل أؤنبها
امتلأت كفاي رحيق الفستق واشتعل الخنصر
بين الورد وبين اللحن
وبين اللحن وبين الورد
احترق الخنصر
أعطى ضوءا عربيا
ليس لإصبعي الوسطى في الليل أمان
وأدير على هذي الإصبع حكام الردة قاطبةً
سوف أحدثكم في الفصل الثالث عن أحكام الهمزة
في الفصل الرابع عن حكّام الردّةِ
أما الآن فحانات العالم فاترة
مللٌ يشبه علكة بغي لصقته الأيام بقلبي
يا بن ذريح...
هذي الحانة باردة ...أوقد صوتك
يرحل بعض الإثم من الحانة
يا بن ذريح ...
هات نغما
هات لنا بعض المشتهيات من الصوت السابع
قل نغما عصفورا
قل نغما سرّة أنثى....
قل نغما طرقة بابٍ مجهولٍ
من أنت ...؟
نصحنا أذنك أن تسمع تلك الأشياء المألوفة في الدنيا
آلهة المجهول
أتيت بآخر أشكال الهم وروحي لونٌ مكتئبٌ
طوقت عليه بزناد مراهقة
من يطرق ثانية
حذرناك فماذا تطلب؟
جازفت على فلك لا يعبر ساقيةً
قيل تسفهه كل الصلبان وكل الأصنام
رفعتَ كؤوس الكفر عليها
يأخذكَ الجو
وترفع إبريق الخمر في الهم شراعا
كيف تجرأتَ تدّقُ علينا في الليل فإن اللذات تنام وراء الباب بدون ملابسها
ويسيل لعابك... كيف اللذات تكون بدون ملابسها؟
تنساب ... وتنطق أشياء مبهمة
وتحاول أن تخرج من تأتأة في جسمك
تعرق جدران همومك
يعرق إظفر إبهامك بالمنزل
توقد عود السمّاق لدى فخذي أنثى
أسأم حسن اللّه عليها
واجتمع التلقيح فأعطى إنشاء ذهبياً
أوقدتَ فجُنّ الحشراتُ
وهاج الموج وقام الزبد الفاسد
واضطرب البيض الفاسد
يا صاحب هذا الفلك المتعب
أنت تسميه سفينة عشق
أنّى أوقدت...
سيفقص هذا البيض الفاسد أوساخا مقذعة
ألديك فوانيسٌ ؟
زيت ما لمسته يدان
روح تبصر في الزمن الفاسد
أوقدَ بحار البحارين قناديل سفينته
أبقاها خافتة
بحار البحارين
ومَن جمع اللؤلؤ والأضواء وأصوات البحر
بخيط لحبيبته أبقاها خافتة
تملك أحلى الهمزات حبيبته
تملك أحلى ميم اعرفها
ولها جسد مزجته الآلهة الموكولة بالمزج
بكل عطور الخلق
فمارس عشق الذات وأربى بالحسن عليها.. ارتبكت
أعرف بحار البحارين
ومن سأحدثكم عن سيرته
كان يقاوم أوساخا ممتعة
يستمتع حين يقاومها
عيناه تألقتا كالجمر من الحمى
بعث الحمى بغلاف من ورق العشق لبيت حبيبته
وبيت حبيبته في الشام يقال
قرب الجسر الخشبي
وبيت علي بن الجهم يقال ...برام اللّه يقال
قيل بباق الخلق
وقيل بترهونة أيضا
من أنت..؟ وفي هذا الوقت المشبوه تزور
أطرق بحار البحارين وخبأ في الصدف الحي حكايته
فالعُثّة في بلد العسكر
تفقس بين الإنسان وثوب النوم وزوجته
وتقرر صنف المولود
وأين سيكوي ختم السلطان على إليته
فإذا آمن بالحزب الحاكم
فالجنة مأواه