بين يدي الله - نازك الملائكة

المساكين يا سماء فمدّي
لأساهم كفيك يفن الشقاء

إن يكونوا جنوا فقلبك أسمى
أو يكونوا ضلّوا فأنت السماء

ليس يعيي كفّ الألوهة أن تم
حو حزن المعذّبين الجياع

فهي نبع الحياة والخير والفنّ
وبرء الأحزان والأوجاع

جئت يا ربّ تحت ليلي الطويل ال
مرّ أبكي حزني وحزن الوجود

حين ضاقت بي الحياة وأسلم
ت قيادي لليأس والتنكيد

جئتك الآن يا إلهي ومالي
غير قلبي ونغمتي من شفيع

أنا من قد رسمت مأساة هذا ال
كون شعرا روّيته بدموعي

ها أنا قد مددت كفّيّ يا ربّ
وعودي ملقى على قدميّا

وهو لحني الأخير يا ربّ ذوّب
ت حياتي فيه وحلمي النقيّا

فإذا لم تصل سماءك ألحا
ني فعذري كياني البشريّ

وإذا ما تركتني لشقاء ال
عيش يلهو بي الدجى الأبديّ

فهو حظّي من الحياة قضته
شرعة الدهر والوجود الأبيد

كلّ حيّ لا بدّ أن يقطع العم
ر صريعا على تراب الوجود

بين فكّ الرحى يغنّي ويبكي
ويذوق الحياة بشرا وحزنا

آه لا بدّ من أسانا فماذا
نفع هذي الشكوى الحزينة منّا

فلنلذ بالإيمان فهو ختام ال
يأس والدمع والشقاء العاتي

يمسح الأعين الحزينة من أد
معها الهامرات في الظلمات

فاصرخي يا رياح في شعب العا
لم وامضي تفجّعا وعويلا

واصخبي يا بحار ما شئت في سم
عي واستصرخي الضحى والأصيلا

واطغ يا ليل بالأسى ومعاني ال
يأس في قلبي الرقيق الكئيب

لن تنال الآهات منّي بعد ال
آن حتى إن عشت فوق اللهيب

فوراء الحياة معنى عميق
ليس تفنيه سورة الأحزان

هو معنى الألوهة الخالد المر
جوّ خلف الوجود والأزمان