وجوه ومرايا - نازك الملائكة

يا كؤوس الأحلام يا من تخيّل
تك أفقا تضمّه الأضواء

آه لو تدركين كيف أحسّ ال
كون صحراء خلفها صحراء

والرحيق الذي حلمت به كي
ف طوته المرارة الخرساء

كيف حين استلمت كأسي أرسل
ت دموعي ولم يفدني ارتواء

***

إرتوائي ؟ أوّاه من حرق الرّو
ح لماذا تظلّ روحي ظمأى ؟

إرتوائي ؟ هذا السّراب الذي ير
كض قلبي وراءه وهو ينأى

إرتوائي حسبته شفقا حل
وا فلمّا دنوت لم أر شيئا

ليس غلا اللاشيء يصدم شوقي
ويذيب الأحلام جزءا فجزءا

***

ألفراغ الفراغ يقتلني أوّ
آه لو كان للوجود وجود

آه لو لم تحل مواقع أقدا
مي امتدادا حدوده اللاحدود

السكوت السكوت يفغر فاه
وغدا يغرب الهوى والنشيد

والظلام الظلام يطفىء عينيّ
فماذا أحسّ ؟ ماذا أريد ؟

***

أيّها الليل ليل روحي أما من
ملجأ من برودة الظلماء ؟

ظمأ صارخ بأعماق نفسي
لشعاع مسلسل من ضياء

آه لو لم يحل رجائي الإلهيّ
سرابا ضحلا وبعض عزاء

آه لو كانت السعادة شيئا
غير هذي الفقاعة السوداء

***

لقبّوها الحياة وهي اضطراب
أبدي ولهفة لا تقرّ

وامتداد للاّنهاية لا يب
دأ لا ينتهي فأين المفرّ ؟

لقبّوني " أنا " ولم يفهموني
ما أنا ما وجودي المكفهرّ

أنا ماذا ؟ تحرّق ليس يرتا
ح وظلّ سرعان ما سيمرّ..

***

في صفاء المرآة حدّقت في طي
في طويلا والشكّ في مقلتيّا

كائن شاحب يحدّق في وج
هي مثلي محيّرا مطويّا

هذه هذه أنا ليس من شكّ
فلم لا أمسّها بيديّا ؟

لم لا أستطيع أن ألمس الذا
ت ؟ وأمحو تحرّقي الأبديّا ؟

***

ثم ماذا ؟ أمدّ كفّي في شو
ق عميق فلا أعانق ذاتي

صدمة صدمة تمزّق روحي
ليس إلا برودة المرآة

الزجاج الجبّار شفّ ولكن
عن مثال مشوّه للحياة

عن كيان رسمته أنا وحدي
فإذا غبت غاب في الظلمات

***

الكيان الممسوخ ها أنا أمحو
ه كفاه هزءا بنار أسايا

ضربة من يدي تحطّمت المر
آة فوق الثرى وعادت شظايا

ليتني كنت صنتها عاد وجهي
ألف وجه تطلّ منها الضحايا

ليتني كنت صنتها ليتني أع
لم كيف المرآة عادت مرايا