ثلاث أغنيات عربية - نازك الملائكة

-1-

الساعة

دقّت الساعة في أرض بلادي العربيّه

جلجلت , ضجّت , ودوّت ملء وديان قصيّه

غلغلت عبر بساتين النخيل العنبريّه

وتلوّت في صحاررسخت كالأبديّه

دقّت الساعة واهتزّت لها سمر الصحاري

وارتوت بيد عطاش لانبلاج , لانفجار

ورمال لم تزل منذ عصور في انتظار

فتحت أذرعها العطشى وألوت بالإسار

***

إحملي أغنية الصحو إلى خضر المروج

ووعودا مورقات عربيّات الأريج

نبضت بين المحيط المترامي والخليج

***

إثنتا عشرة من دقّاتها هزّت ربانا

غلغلت عبر صحارينا النشاوى وقرانا

وسمعناها تنادي وأفقنا من كرانا

***

-2-

اللصوص

ولصوص هناك كثار
كلّهم جشع وخداع

أقبلوا من وراء البحار
يسرقون طعام الجياع

***

يأخذون الثرى والهواء
يخطفون الندى والنور

***

يخنقون الأغاني الحنون
يمنعون الكرى والحلم

***

إنّهم يقطعون الطرق
ويسّدون كلّ سبيل

-3-

النسر المطعون

حيث النخيل السامق المزدهي
حيث الصحارى المحرقات الرّمال

حيث الينابيع وكاساتها
تقطر شهدا وتغذّي التلال

وحيث أغنيات أنهارنا
تشدو بها شفاه ريح الشمال

هناك ألقى طائر ظلّه
ضخما , إلهيّا تحدّى المحال

***

جنحاه مبسوطان فوق المدى
من الخليج للمحيط السحيق

في كبرياء الريش تحيا ذرى
وأعصر يقظى ومجد عريق

أقام فوق الأرض لا يرتقي
نحو الأعالي في الفضاء الطليق

واللانهايات تنادي وفي
ندائها همس الخلود العميق

***

في قلبه النابض قد أغمدوا
رمحا غليظ الخدّ خشن الشّفاه

من صدره الحرّ يغذّي الثرى
والورد يستنبته من دماه

يا رمح اسرائيل مهما ارتوى
من جنحه من روحه من مناه

يبقى ثرانا عربيّ الشذى
والضوء , يبقى عربيّ المياه

***

يافا وحيفا في غد نلتقي
فنحن والضوء على موعد

تبقى فلسطين لنا نغمة
قدسيّة على فم المنشد

ونسرنا الشامخ لن ينثني
أمام باب الزمن الموصد

غدا فلسطين لنا كلّها
كأن اسرائيل لم توجد